أما لو كانت المطلقة مجنونة ، فقد قال في التفريعات : عدتها بالأشهر (١) ، ويمكن أن يدرك ذلك من قوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ) فهذا خطاب لمن هو مكلف ، قال في النهاية : والمسترابة التي تجد حسا في بطنها يظن أنه حمل ، تمكث أكثر مدة الحمل.
الفرع الخامس
إذا طلق زوجته ثم رجعت إليه في العدة باسترجاعه بالقول ، ثم طلق قبل دخوله ، فقال أبو العباس ، والقاضي زيد للمذهب ، وهو قول أبي حنيفة ، وأحد قولي الشافعي ، ومروي عن علي عليهالسلام : إنها تستأنف العدة ؛ لأن الرجعة أبطلت حكم الطلاق فصار كما لو طلق ابتداء ، فيدخل هذا في عموم قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ).
وقال مالك ، وأحد قولي الشافعي : تبني على العدة الأولى.
وقال داود : لا عدة عليها ؛ لأن الرجعة أبطلت العدة ، والطلاق الثاني قبل الدخول ، وأبطل ذلك بأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب ، قال في النهاية : كل رجعة تبطل العدة عند مالك.
أما لو كان الطلاق بائنا ، وعادت إليه بعقد ، ثم طلق قبل الدخول فإنه لا عدة للنكاح الآخر ؛ لأنه قبل الدخول ، وعدة الطلاق الأول باقية ، فتبني ، ذكر ذلك ابن أبي الفوارس ، وأبو جعفر ، وهو قول مالك ، والشافعي.
وقال أبو حنيفة : تستأنف العدة ؛ لأن العقد أبطلها ، وكأن الطلاق لم يكن.
__________________
(١) المذهب أن اعتدادها بالحيض.