آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨))
المفردات :
(وَرائِهِمْ) ، أى أمامهم (بَرْزَخٌ) أى : سد وحاجز يمنعهم من الرجوع (نُفِخَ فِي الصُّورِ) الصور بوق ينفخ فيه نفختين النفخة الأولى ليموت الكل والثانية ليحيا الكل ؛ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) وقيل الصور جمع صور والمراد نفخ الروح في الأجساد (مَوازِينُهُ) موزوناته أى أعماله (تَلْفَحُ) تحرق واللفح كالنفخ إلا أنه أشد (كالِحُونَ) عابسون ، وقال أهل اللغة الكلوح تكشر في عبوس وتقلص الشفتين عن الأسنان (اخْسَؤُا) اسكتوا سكوت هوان وذلة وابعدوا في جهنم كما يقال للكلب اخسأ ، أى : أبعد (شِقْوَتُنا) شقاوتنا والمراد : غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا فسمى اللذات والأهواء شقوة لأنهما يؤديان إليها (سِخْرِيًّا) بكسر السين بمعنى الاستهزاء وبضم السين بمعنى التسخير والاستعباد بالفعل ، وهما قراءتان مرويتان (عَبَثاً) مهملين كالبهائم.
المعنى :
يخبر الله ـ سبحانه وتعالى ـ وخبره الصدق وقوله الحق ـ عن حالة المحتضر عند الموت من الكافرين والعصاة والمفرطين في حقوق الله حينما يرون ما أعد لهم من العذاب ، يقول الواحد منهم : يا رب ارجعنى ارجعنى ، ارجعنى لعلى أعمل صالحا فيما تركت ، وضيعت من الطاعات ، فهو يطلب الرجوع إلى الدنيا متيقنا من نفسه أنه سيعمل الصالح من غير تردد ، يرجع إلى رده إلى الدنيا أو إلى التوفيق إلى العمل الصالح.
ونصوص القرآن في مثل هذا الموضوع (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (١) (فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (٢). (وَلَوْ تَرى
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ٥٣.
(٢) سورة السجدة الآية ١٢.