لحكمه ، وتنقله إلى الأرض التي باركنا فيها ، وهي أرض الشام كما تقدم ، وكان الله بكل شيء عليما.
وسخرنا له من الشياطين من يغوصون في البحار ، ويستخرجون من المعادن ما يحتاج إليه! ويعملون غير ذلك من بناء أبنية ، ومحاريب وجفان كالجواب وقدور راسيات ، وكنا لهم حافظين ، فلا هرب ولا إفساد ، ولا لعب بل كل يجتهد حسب ما يكلف.
هذه الآيات شهادة للعمال وأهل الحرف والصنائع ، بأن العمل شرف واتخاذ الحرفة كرامة ، ولقد قيل : صنعة في اليد أمان من الفقر ، وقد أخبر الله ـ سبحانه وتعالى ـ عن نبيه داود ـ عليهالسلام ـ أنه كان يصنع الدروع ، وكان يأكل من عمل يده ؛ وكان نوح نجارا يصنع السفن ، ولقمان خياطا ، وهكذا التاريخ يحدثنا أن العمل كان ديدن الصالحين وطريق المؤمنين اثروا العمل على ذل السؤال وفي الحديث الشريف : «لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل النّاس أعطوه أو منعوه».
فالإسلام دين لا يعرف البطالة ولا الكسل بل هو دين العمل والجد ، والكسب والغنى ، ولكن عن طريق الحلال لا عن طريق الحرام.
ولقد يفهم الناس خطأ أن الإسلام يدعو إلى الفقر والزهد والمكث في المساجد وعدم العمل ، وهذا فهم خطأ ، وإنما يحث الدين على القناعة والإجمال في الطلب ؛ وعدم التكالب على الدنيا فإن ذلك قد يدفع صاحبه إلى التعدي على أخيه وظلمه إرضاء لشهوة المال وجمعه.
أيوب عليهالسلام
(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤))