هذا حالهم مع يوسف ، وأما مع أبيهم فجاءوا أباهم في وقت العشاء وانتشار الظلام في الأفق يبكون ويولولون ، ما أجهلك يا ابن آدم ، وما أحمقك!! أليس الله عالم الغيب والشهادة؟! ألم تعلموا يا إخوة يوسف أن الله لطيف خبير! مالكم لم ترحموا أباكم وهو شيخ كبير؟!! ومالكم تتخطون حدود العقل والحكمة ، وتقتلون معاني الأخوة والمحبة؟ إن هذا لشيء عجيب!!
اعتذروا بغير العذر ، واستخفوا من أبيهم ، والله معهم ، وقالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق في الرمي والجري ، وتركنا أخانا يحرس متاعنا فأكله الذئب ، وهم يعرفون ما عند أبيهم بالنسبة لهم فصرخوا وقالوا : ما أنت بمصدق لنا أبدا في كل حال ، ولو كنا صادقين.
وجاءوا على قميصه بدم ليس من دمه ليشهد كذبا وزورا أنه دمه والله يعلم أن الذئب برىء من دم ابن يعقوب. روى أن يعقوب قال استهزاء : ما أحلمك يا ذئب تأكل ابني ولا تشق قميصه!! قال هذا استهزاء بهم.
وقال ملوّحا بكذبهم : بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا إدا ، وفعلتم فعلا نكرا وأما أنا فأمرى صبر جميل لا يأس فيه ولا قنوط من رحمته والله معى وهو المستعان وحده على ما تصفون ، هذه قصة يوسف مع إخوته مصدرها القرآن فقط ، وهذا ما نطمئن إليه دائما.
أما الأخبار والأقوال والإسرائيليات وقول التوراة فهذا شيء آخر لا نلتفت إليه.
يوسف مع السيارة
(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠))