لو كان هؤلاء الذين عبدوهم آلهة تنفع وتضر كما هو مقتضى العبادة لما وردوا النار ، ودخلها العابدون والمعبودون!!
وكل منهم في جهنم خالدون معذبون عذابا شديدا ، لهم فيها من شدة الكرب والهم ـ والعياذ بالله ـ زفير وشهيق ، ولهم صوت يدل على شدة الألم ، ومنتهى الهم والحزن ، وهم فيها لا يسمعون بل هم صمّ بكم عمى (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) [سورة الإسراء آية ٩٧].
هذه عاقبة الكفر ومآله.
أما من آمن وعمل صالحا فلا ضير عليه أبدا ، وإن عبده غيره إذ لا ذنب عليه وما ذنب المسيح؟ والعزير ، وعلى بن أبى طالب مثلا وما ذنب الملائكة التي عبدها بعض الناس؟! فهم داخلون الجنة في قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) أى : الجنة بسبب أعمالهم الطيبة لا يسمعون صوت النار ولا يصيبهم شررها أولئك عنها مبعدون ، وهم في جنات الخلد يمتعون بما اشتهته أنفسهم ، وبما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [سورة فصلت الآيتان ٣١ و ٣٢].
وهم فيها لا خوف عليهم ولا هم يحزنون أبدا ، لا يحزنهم الفزع الأكبر ، والهول الأعظم الذي ينتاب غيرهم فيزلزل قلوبهم ، ويهز كيانهم ، وتتلقاهم الملائكة بالبشر والترحاب مسلمين عليهم (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [سورة الزمر آية ٧٣] قائلين لهم : (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فيه الكرامة والمثوبة والحسنى.
وهذا كله يكون يوم يطوى الله السماء ويضعها بعد نشرها كما نرى ، كطي الصحيفة للكتاب المكتوب فيها ، إنه لتصوير رائع لقدرة القادر الذي يطوى عوالم السماء كما تطوى صحيفة كتابك! سبحانك يا رب! إنك على كل شيء قدير.
طويت السماء بعد أن كانت منشورة ، وأعدت الخلق أحياء كما كانوا في الدنيا ، تعيد الخلائق كما بدأتها تشبيها للإعادة بالبدء في تناول القدرة لهما على السواء فكما أوجدت الخلائق أولا من العدم إلى الوجود تعيدها كذلك من العدم إلى الوجود بل