فلما أهلك الله فرعون سأل موسى ربه الكتاب فأمره أن يصوم ثلاثين يوما ثم زيدت إلى أربعين يوما (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) [سورة الأعراف آية ١٤٢].
وكان لمخالطة بنى إسرائيل للمصريين وهم عبدة الأوثان أثر كبير في نفوسهم فكانوا يقولون لموسى بعد خروجهم من مصر : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) [سورة الأعراف آية ١٣٨] ولهذا أمكن لرجل منهم أن يؤثر فيهم فعبدوا العجل بعد مفارقة موسى لهم للميقات.
ولما ذهب موسى لميقات ربه ، استخلف على القوم أخاه هارون ، وكان موسى على رأس سبعين نقيبا ذاهبين معه للميقات (كما مر في سورة الأعراف).
ولكن موسى تعجل من بينهم شوقا لربه فقيل له ما أعجلك عن قومك؟ وما الذي حملك على العجلة حتى تركت النقباء وخرجت من بينهم ، فأجاب موسى : هم أولاء على أثرى وفي عقبى ، وهم بالقرب ينتظرون عودتى إليهم على أنى عجلت إليك يا رب لترضى بمسارعتى للقائك ، وامتثال أمرك.
قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : فإنا قد فتنا قومك واختبرناهم من بعدك ، وهم الذين تركهم مع هارون ـ وأضلهم السامري ، ودعاهم إلى الضلالة والكفر حيث قال لهم ـ وقد تأخر موسى عن الميعاد عشر ليالي : إنما تخلف موسى عن الميعاد الذي بينكم وبينه لما معكم من الحلي وهي حرام عليكم. وأمرهم بإلقائها في النار ، وكان منها العجل على ما سيأتى :
فرجع موسى إلى قومه غضبان شديد الغضب والحزن لما صار إليه حال بعضهم وهو عبادة العجل ، وقد قلت إن جهل الإسرائيليين ومخالطتهم لعبدة الأوثان سهل عليهم قبول خداع السامري.
قال موسى : يا قوم. ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا؟ حيث قال : وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ، وقد وعدهم بالثواب الجزيل إذا عملوا بما في التوراة التي سينزلها على موسى إذا ذهب للميقات.
أوعدكم ذلك فطال عليكم العهد ، وضقتم ذرعا بطول الزمن؟!!
أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم؟ أى أردتم أن تفعلوا فعلا يكون سببا