عدوك ولحظك بعنايته ورعايته إلى هذا الوقت فاخلع نعليك احتراما وتقديسا ، وإجلالا وتعظيما إنك بالوادي المقدس المطهر الذي يقال له طوى.
وأنا اخترتك يا موسى ، واصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ، فاستمع إلى كل ما يوحى إليك ، وخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
إننى أنا الله لا إله إلا أنا ، ولا معبود بحق سواي ، فاعبدني مخلصا لوجهي ، وأقم الصلاة لتذكرني بها ، أو لأذكرك في علين بها ، واعلم أن الساعة آتية لا محالة ، أكاد أخفيها فلا أقول هي آتية لفرط إرادتى خفاءها ، ولا ما في الإخبار بإتيانها ـ مع تعميمه وقتها ـ من المصلحة لما أخبرت به ، وهذا معنى جميل ، ذكره الزمخشري والقرطبي وغيرهما ، ويؤيده أن كل لفظ في الآية أدى معناه الموضوع له. قال اللغويون : «كدت أفعل» معناه عند العرب قاربت الفعل ولم أفعل ، «وما كدت أفعل» معناه فعلت بعد إبطاء. وعلى هذا فمعنى الآية إن الساعة آتية لا شك فيها وقاربت أن أخفيها ولكني لم أفعل لقولي سابقا إنها آتية ، فهي آتية في وقت الله أعلم به ، والله أخفى الساعة أى : القيامة ، والساعة التي يموت فيها الإنسان ، ليعمل الإنسان بجد ولا يؤخر التوبة لحظة ، ودائما يترقب الموت في كل لحظة ، ولو عرف الإنسان الساعة لوقفت الحياة وما عمرت الدنيا.
وبعضهم يرى أن المعنى : إن الساعة آتية أكاد أظهرها وقوله : لتجزى كل نفس بما عملت متعلق بآتية ، ويؤيد هذا قراءة أخفيها واللغة لا تمنع ، ذلك وهناك من يرى أن الآية هكذا ، إن الساعة آتية أكاد بمعنى أن الساعة آتية أكاد آتى بها ثم يبدأ كلاما جديدا بقوله أخفيها وأكتمها لتجزى كل نفس بما تسعى ، وهذا المعنى حسن وليس فيه إلا حذف خبر «أكاد» وله نظير في كلام العرب ، قال الضابئ البرجمي :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني |
|
تركت على عثمان تبكى حلائله |
فالشاعر العربي حذف أى : وكدت أفعل ، ولكني لم أفعل ، وعثمان هو عثمان بن عفان الخليفة الثالث ـ رضى الله عنه ـ.
فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها ولا يمنعك من الإيمان بها والتصديق لها من لا يؤمن بها ، واتبع هواه ، إنك إن فعلت ذلك تهلك ، وفي هذه إشارة إلى أن كل داعية