المفردات :
(عِوَجاً) العوج والعوج عدم الاستقامة والمراد نفى الاختلاف والتناقض عن ألفاظه ومعانيه. (قَيِّماً) مستقيما لا ميل فيه أبدا. (باخِعٌ نَفْسَكَ) البخع : الجهد والإضعاف. (أَسَفاً) الأسف : شدة الغيظ. (صَعِيداً جُرُزاً) الصعيد : المستوي من الأرض. والجزر : أرض لا نبات فيها ، ومنه قيل سيف جراز ، أى : يستأصل المقاتلين.
المعنى :
الحمد لله والشكر له ، والثناء لله ـ سبحانه ـ علم الله عباده كيف يحمدونه على نعمه الجليلة ، التي تفضل بها عليهم فهو الذي أنزل على عبده وحبيبه سيد الأنبياء وإمامهم وخاتمهم ، أنزل عليه القرآن المكتوب في الصحائف ، والمسجل في ضمير الزمن ، والمحفوظ في القلوب والمنقول إلينا عن طريق التواتر (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ولم يجعل له عوجا في لفظه ومعناه ، ولم يكن فيه اختلاف في أى ناحية من نواحيه (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) وهو القيم والمستقيم على الحق والعدل ، الداعي إلى الخير والهدى ، وهو القيم على مصالح العباد في الدنيا والآخرة والقيم على الكتب السابقة والمهيمن عليها.
وها هو ذا التفصيل لما أجمل في قوله ـ تعالى ـ (قَيِّماً) لينذر الكفار والعصاة بأسا شديدا وعذابا أليما من لدنه ، وليبشر المؤمنين العاملين الصالحات ، فكان إيمانهم مصحوبا بالعمل بعيدا عن العجز والكسل يبشرهم بأن لهم أجرا حسنا هو الجنة ماكثين فيها مكثا دائما إلى ما شاء الله ، وكرر الإنذار مرة ثانية للتأكيد فقال ، ولينذر الذين قالوا : اتخذ الله ولدا كاليهود في عزير ، والنصارى في المسيح ، وكفار قريش في قولهم : الملائكة بنات الله ، ما لهم بالولد واتخاذ الله له علم أصلا ولا لآبائهم كذلك علم به ، بل هو محض افتراء واختلاق ، على أنه ليس مما يعلم إما للجهل بالطريق الموصل إليه ، وإما لأنه في نفسه مجال لا يستقيم تعلق العلم به.
كبرت المقالة كلمة تخرج من أفواههم ، أى : ما أكبرها كلمة تخرج من أفواههم والمراد بالكلمة قولهم إن الله اتخذ ولدا ، وهم ما يقولون إلا كذبا وزورا.