بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩))
المفردات :
(ساعَةِ الْعُسْرَةِ) المراد : وقت العسرة أى : الشدة (يَزِيغُ) يميل عن الصراط المستقيم (خُلِّفُوا) أخر أمر هؤلاء الثلاثة مدة ثم تاب الله عليهم بعد ذلك ، فهم قد خلفوا عن أبى لبابة وأصحابه في قبول التوبة (بِما رَحُبَتْ) أي : برحبها وسعتها.
المعنى :
للتوبة معنيان : أولهما العطف والرضا عن العباد وعن أعلاهما. ثانيهما : قبول التوبة منهم بعد توفيقهم إليها ، وكانت توبة الله على النبي صلىاللهعليهوسلم من النوع الأول.
وقد فسر البعض توبة الله على النبي صلىاللهعليهوسلم حيث أذن لبعض المنافقين وكان الأولى الانتظار (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ..) الآية وأما المهاجرون والأنصار فقد كانت غزوة تبوك في ساعة العسرة والشدة ، وقد تجاوز الله عن هفواتهم وتثاقلهم عن المسير (وهذا كله من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين).
وفي الكشاف هذه الآية مثل قوله ـ تعالى ـ : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (١) وهذا حث للمؤمنين على التوبة ، وأنه ما من مؤمن إلا وهو محتاج إليها حتى النبي المعصوم والمهاجرين والأنصار ، وفي ذلك إبانة لفضلها ومقدارها عند الله ، وأنها صفة الأنبياء والسابقين ، وهذا كلام حسن وتخريج جميل.
__________________
(١) سورة الفتح آية ٢.