إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥))
المفردات :
(جادَلْتَنا) الجدل اشتداد الخصومة مشتق من الجدل وهو شدة القتل ومنه قيل للصقر : أجدل ، والجدل في الدين محمود فهو وظيفة الأنبياء ، وأما الجدال فهو المخاصمة بما يشغل عن ظهور الحق فهو باطل ومذموم (نُصْحِي) النصح : قصد الخير للمنصوح والإخلاص فيه قولا وعملا (يُغْوِيَكُمْ) الإغواء الإيقاع في الغي والفساد حسيا كان أو معنويا ، وقيل : هو المرض أو الهلاك.
بذل نوح غاية جهده في نصح قومه ، واجتهد في أن يتبعوه في الإيمان بالله والبعد عن عبادة الأصنام ، مكث على ذلك ألف سنة إلا خمسين عاما ، ولكن ما زادهم ذلك إلا فرارا ، وعتوا واستكبارا حتى ضاقوا به ذرعا ، وضاق بهم ذرعا ، وكبر عليهم مقامه وبلغ السيل الزبى : اقرأ إن شئت قوله ـ تعالى ـ في سورة نوح الآيات من ١ ـ ٢٤ وقوله ـ تعالى ـ : في سورة يونس (يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ). آية : ٧١.
المعنى :
قالوا يا نوح قد خاصمتنا وحاججتنا فأكثرت جدالنا ، ولم تدع لنا حجة إلا أبطلتها ورددتها حتى سئمنا ومللنا .. فائتنا بما تعدنا به من العذاب في الدنيا أو الآخرة إن كنت من الصادقين في قولك : إنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير.
فرد نوح عليهم بقوله : إن الذي أعدكم به وأخاف عليكم منه بيد الله لا بيدي ، وأمره إلى الله فقط إن شاء أنزله فورا وإن شاء أجله على أنكم لستم بمعجزين الله هربا