فالأصل طهارته بمقتضى اصالة الطهارة للزم التناقض وهو عبارة عن نفي شيء عن شيء بعد إثباته له ، مثلا إذا قلنا زيد عادل ثم نقول انّه ليس بعادل فهذا تناقض لوحدة الموضوع في هذا المقام ، وكذا فيما نحن فيه ، حرفا بحرف ، إذ نقول أحد الإناءين نجس قطعا.
وعليه : فلو أجرينا أصالة الطهارة في كل واجد منهما فيصير كل واحد منهما طاهرا فيقال الإناءان طاهران ظاهرا وهذا يتناقض مع القول : بأنّ أحدهما نجس قطعا ، إذ أحد غير معين يشمل كليهما على سبيل البدلية ، فيصير التقدير هكذا : أحد الإناءين نجس أحد الإناءين طاهر ، فهذا تناقض صريح.
هذا مضافا إلى انّه لا يترتّب أثر شرعي على جريان الاصول في صورة دوران الأمر بين المحذورين ، إذ قبل إجرائه فيه فالمكلّف مخيّر بدويّا ، أو استمراريّا بين الأخذ بالوجوب ، وبين الأخذ بالحرمة ، وبعد إجرائه فيه فهو مخيّر أيضا بينهما.
والحال ان الشارع المكرّم جعل الاصول العملية في مورد الشك بالتكليف ، أو الشك في المكلّف به لكي يترتّب عليها آثارها وهي تعيين الوظيفة والخروج عن الحيرة والتحيّر وجعل الحكم الظاهري في مؤداها.
وعليه : فلا تجري الاصول العلمية لا حكمية منها ولا موضوعية منها في أطراف العلم الاجمالي وفي صورة الدوران بين المحذورين.
قوله : لو كانت جارية مع قطع النظر عنه ...
وليعلم ان اجراء الاصول العملية في أطراف العلم الإجمالي على نحوين :
الأوّل : انّه لا يلزم من إجرائها فيها مخالفة عملية قطعية كما في صورة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، كصلاة الجمعة في عصر الغيبة ، فإذا أجرينا استصحاب عدم وجوبها ، واستصحاب عدم حرمتها فهذا لا يصادم بالعمل ، إذ المكلف مخيّر في الأخذ بالوجوب كي يفعلها ، أو الحرمة حتّى يتركها قبله وكذا بعده بحكم العقل كما