ويشهد الوجدان السليم بأعلى صوته إذا راجعناه بهذا المطلب ، وهو حاكم بالاستقلال مع قطع النظر عن حكم الشرع في مثل باب إطاعة المولى وباب عصيانه ، وهو حاكم بالاستقلال بما يستلزمانه من استحقاق النيران واستحقاق الجنان (بكسر الجيم) جمع تكسير الجنّة لا بفتحها ، إذ هو بمعنى القلب.
توضيح : وهو ان العقل حاكم مستقلا بوجوب إطاعة المولى ، وبحرمة عصيانه.
ولهذا يقال : ان أمر الشارع المقدّس بإطاعة المولى ارشادية وليس بمولوي لأنّ المولى منعم وشكره واجب ، إذ في ترك شكره يحتمل الضرر ، ودفعه واجب بحكم العقل وهو لا يدفع إلّا بالشكر الذي هو عبارة عن إطاعة المولى وعن ترك عصيانه وطغيانه ، وكذا العقل حاكم بالاستقلال مع قطع النظر عن حكم الشرع بأن من أطاع المولى فهو يستحق الجنان ، ومن عصاه فهو يستحق النيران لأنّ العقل يدرك عدالة المولى وهي تقتضي الاستحقاقين.
تتمّة : في الفرق بين الصفات والأخلاق
وهو ان الاولى يمكن أن تكون بسبب اقتضاء الطبع ، وذلك كالكرم والبخل والشجاعة والجبن مثلا ، وان لا تكون بسبب اقتضائه ، وذلك كعنوان الزراعة والصياغة والنجارة ونحوها ، ولهذا ربّما يرفع الشخص الزارع والصائغ والنجّار يده عن هذه العناوين ويختار شغلا آخر فصارت قسمين امّا بخلاف القسم الأوّل منها فإنّ الشخص الكريم والشجاع لا يرفع يده عنهما وكذا الشخص البخيل والجبان ، حرفا بحرف.
والثانية انّما تكون باقتضاء الطبع ولهذا يكون علم الأخلاق أحد أقسام الحكمة العملية ، وقسم آخر تدبير المنزل ، والقسم الثالث منها تشكيل المدينة