في مبحث التجري
قوله : الأمر الثاني قد عرفت انّه لا شبهة في ان القطع يوجب ...
الفرض من عقد هذا الأمر بيان الأمرين :
الأوّل : حكم مخالفة القطع إذا لم يكن مصيبا للواقع وانّها هل توجب استحقاق العقوبة أم لا وهذا هو المسمّى بالتجرّي.
الثاني : حكم موافقة القطع غير المصيب للواقع وانّها هل توجب استحقاق المثوبة أم لا؟ وهذا هو المسمّى بالانقياد.
وعليه : فالتجرّي عبارة عن مخالفة القطع غير المصيب ، وذلك كمن قطع بخمرية مائع فشربه ولكن كان هذا المائع خلّا واقعا لكون القطع جهلا مركّبا.
والانقياد عبارة عن موافقة القطع غير المصيب للواقع ، مثلا من قطع بوجوب الشيء فانقاد وأتى به ، أو قطع بحرمة شيء ، فانقاد وتركه ولكن كان هذا الشيء الذي قطع بوجوبه حراما واقعا ، أو كان هذا الشيء الذي قطع بحرمته واجبا واقعا لكون القطع جهلا مركّبا ، والإطاعة عبارة عن موافقة القطع الذي كان مصيبا للواقع كما إذا قطع القاطع بوجوب شيء من أي سبب كان فقد أطاع وأتى به وكان هذا الشيء واجبا واقعا ، كالواجبات الشرعيّة ، كالصلاة والصيام والجهاد مثلا ، والعصيان عبارة عن مخالفة القطع مصيبا للواقع ، كمن ترك الواجبات الشرعية التي قطع بوجوبها ، أو فعل المحرّمات الشرعية.
فلنرجع إلى بحث التجرّي ، فيقال : ان المتجرّي هل هو يستحقّ العقاب أم لا بعد الاتفاق على استحقاقه الذم من العقلاء واللوم من المولى من جهة خبث باطنه وسوء سريرته.