والسرّ في هذا الفرق بين الاحتياطين في هذين الموردين أن دائرة الاحتياط في الصورة الاولى متسعة جدا ، أما بخلاف الصورة الثانية فإن دائرته مضيقة قطعا لخروج كثير من الموارد عن تحت هذا الاحتياط.
القول في بيان الموارد التي لا مورد فيها للاحتياط
الف : إذا لم نقطع بقيام الطريق على ثبوت التكليف وليس الأصل المثبت للتكليف بموجود في البين.
وعليه : فلا محل للاحتياط في هذا المورد بل ندفع التكليف بأصالة عدمه ، أو نقطع بعدم قيام الطريق على التكليف ، ففي هذه الصورة لا مورد للاحتياط.
ب : إذا قام الطرق التي يحتمل اعتبارها على نفي التكليف ولا ريب في إن الاحتياط لا محل له في هذا الفرض ، وفي هذه الصورة ، إذ يكفي صرف عدم قيام محتمل الطريقية على ثبوت التكليف على عدم وجوب الاحتياط وعلى خروج هذا المورد عن تحت وجوب الاحتياط كما إذا فرض قيام الثقة والاجماع المنقول والشهرة الفتوائية وكل ما يحتمل طريقيته كالقياس المنصوص العلة على نفي التكليف وعلى عدم حرمة شرب التتن مثلا ، فلا مورد حينئذ للاحتياط كما لا يخفى.
ج : إذا تعارض الفردان من الطريق من حيث إثبات التكليف ومن حيث نفي التكليف ، مثلا إذا قام خبر الثقة على إثبات التكليف وقام خبر الثقة الآخر على نفي هذا التكليف.
ولكن كان للخبر الثقة النافي للتكليف مرجح من حيث السند ، أو من حيث الدلالة ، بحيث يجب الأخذ به.
وعليه : فلا مورد للاحتياط بل يكفي في عدم وجوب الاحتياط في هذا المورد إذا لم يكن للخبر المثبت للتكليف عند المعارضة بالخبر النافي له مرجح لا