قوله : فتأمّل جيدا ...
وهو إشارة إلى أنّ هذا الجواب فرار عن الإشكال لا الجواب عنه ، إذ الطبيعة تتحقّق في ضمن الأفراد وليس لها وجود مستقل وليست نسبتها إليها كنسبة الأب الواحد إلى الأبناء المتعددة ولا كنسبة الآباء المتعددة إلى الأبناء الكثيرة ، كما سبق هذا في الجزء الأوّل. فإذا تحققت في ضمن الأفراد وهي تتقدم بعضها على بعض وتتأخر بعضها عن بعض فيلزم أن يكون الشيء الواحد كوجوب تصديق خبر الواسطة متقدما من حيث كونه موضوعا على نفسه من حيث كونه حكما لخبر الحاكي ، وذلك كخبر الكليني ، إذ هو حاك عن خبر علي بن إبراهيم وهو حاك عن خبر الصفار وهو حاك عن قول الإمام عليهالسلام. فهذا المطلب المذكور يكون وجه الفرار عن الإشكال فالاولى في الجواب عنه هو الرجوع إلى الجواب الأخير لأنّه سالم عن الخدشة والاعتراض ظاهرا ، كما لا يخفى.
الاستدلال بآية النفر
قوله : ومنها آية النفر ، قال الله تبارك وتعالى (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١) ...
ولا يخفى أنّ محلّ الاستدلال منها قوله تعالى : لعلّهم يحذرون ، وتقريب الاستدلال بها أحد الوجوه الثلاثة المذكورة في المتن.
أوّلها : أنّ كلمة لعلّ وسائر الصيغ الإنشائية كأدوات الاستفهام واسماء التعجب كلفظ سبحان مثلا وصيغ الأمر وصيغ النهي وألفاظ القسم وألفاظ النداء مستعملة في معناها الحقيقي وهو إنشاء الترجي وإنشاء الاستفهام وإنشاء التعجّب
__________________
١ ـ سورة التوبة ، آية ١٢٢.