على وجوب الشيء ، أو على حرمته سواء حصل الظن بهما أم لم يحصل بهما ، فمختارهم هو القول الثالث. ذهب جمع من الأعلام رحمهمالله إلى حجية الظن بالواقع فقط.
وعليه : إذا دل خبر الثقة على وجوب الشيء ، أو على حرمته فيجب العمل على طبقه إذا حصل الظن بهما ، وإلّا فلا.
واختار بعضهم رحمهمالله حجية الظن بالطريق فقط ، وعليه فيجب العمل على طبق خبر الثقة وإن لم يحصل الظن بمضمونه وبالواقع ، واستدل المصنف قدسسره على مدعاه بأنه لا ريب في أن همّ العقل السليم هو تحصيل المكلف المؤمّن من العقاب الذي يترتب على مخالفة التكاليف الشرعية سواء انفتح باب العلم بها أم انسد بها كما لا شبهة في استقلال العقل بتعيين المؤمّن منها فتحصيل المؤمّن من العقوبة الاخروية وتعيينه إنما يكونان بحكم العقل وبيده إذا لم يعينه الشارع المقدّس بل فوّض الأمر إليه لأنه هو الحجة الباطنة ، فدليل المصنف قدسسره مركب من الصغرى والكبرى على هيئة الشكل الأول ، وهو إن كل شيء يكون مؤمّنا من العقاب حال انفتاح باب العلم فيقوم الظن مقامه حال الانسداد فيكون مطلق الظن مؤمّنا منه حاله ، هذه المقدمة صغرى القياس ، وكل المؤمن منه حال الانفتاح هو القطع باتيان المكلف به الواقعي ، أو القطع باتيان المكلف به الجعلي التعبدي كما إذا أتى بمضمون خبر الثقة ، هذه المقدمة كبرى القياس ، فيكون كل مؤمّن من العقاب هو مطلق الظن حال الانسداد هذه المقدمة نتيجة القياس.
فثبت بهاتين المقدمتين اعتبار الظن مطلقا سواء تعلق بالواقع حال الانسداد أم تعلق بالطريق إلى الواقع حاله كما إذا تعلق الظن بحجية خبر الثقة وبحجية الظواهر مثلا.
فإن قيل : يحتمل أن يكون القطع بإتيان المكلف به الواقعي ، أو الجعلي