الإتيان بواجب من الواجبات الشرعية بمتحقق.
فإن قيل : إذا لم ترجع المصلحة والمفسدة الكائنتان في الواجب والحرام إلى الضرر فكيف يحكم العقل السليم بأن شرب الخمر مثلا قبيح والإتيان بالصلاة حسن.
ومن الواضح : إن في شرب الخمر مفسدة وكذا في ترك الصلاة مفسدة.
قلنا : وليس فيهما الضرر إما الدنيوي منه فواضح ؛ وإما الاخروي منه فغير واضح لاحتمال صدور العفو من الله الكريم ، واحتمال الشفاعة من الشفعاء عليهمالسلام.
أما حكم العقل بقبح الأول وبحسن الثاني على القول باستقلال العقل بحسن بعض الأفعال كالعدل وبقبح بعض الأفعال كالظلم ، فليس بمناط حكمه ، أي حكم العقل بالحسن والقبح ، كون ما فيه المصلحة ذا نفع عائد إلى المكلف وذا ضرر وارد عليه.
ولعمري أي أقسم بروحي : إن هذا المطلب الذي ذكر آنفا واضح لا يحتاج إلى تجشم الاستدلال وإقامة البرهان ، لأنه وجداني كالجوع والشبع والعطش والريان مثلا ، فكل من راجع وجدانه يجده.
وفي ضوء هذا : فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون هاهنا ، إذ المظنون للمجتهد ليس من صغريات هذه القاعدة لما عرفت من إن فوت المصلحة وجلب المفسدة في ترك الواجب وفي إتيان الحرام ليسا بملازمين للضرر أعم من الضرر الدنيوي ومن الضرر الاخروي ومن غير فرق بين كون الحكم المظنون وجوبيا ، أو تحريميا ، كما لا يخفى.
فإن قيل : إن هاهنا قاعدة اخرى وهي مسلمة عند الكل وهي عبارة عن إن الظن بحرمة شيء يستلزم احتمال المفسدة في فعله بل يستلزم الظن بالمفسدة وإن لم يكون الضرر مظنونا وكذا الظن بالوجوب يستلزم فوت المصلحة في تركه والعقل