وعلى ضوء هذا فيتوقف تخصيص الآيات الناهية على اعتبار السيرة واعتبارها لا يتوقف على تخصيص الآيات الناهية عن اتباع الظن ، بل يتوقف اعتبار السيرة على عدم العلم بالردع عنها فيصير الموقوف عليه شيئا ، وهو اعتبار السيرة والموقوف شيئا آخر وهو تخصيص الآيات أمّا اعتبار السيرة فلا يتوقف على التخصيص بل يتوقف اعتبارها على عدم العلم بالردع عنها ، من قبل العقل ، أو الشرع الأنور.
ويدلّ على هذا المدّعى أنّ السيرة المستمرة في مقام الإطاعة والمعصية وفي استحقاق العقوبة بالمخالفة للأمر ، وفي استحقاق عدم العقوبة مع الموافقة للأمر الظاهري كما في موارد أصالة البراءة مثلا إذا أجريت أصالة البراءة عن حرمة شرب التتن ، لكن بالأمر الظاهري صادر لمصلحة سواء كان موافقا للأمر الواقعي الاولي أم يخالفه فالعبد إذا امتثل أمر الظاهر فهو لا يستحق العقوبة وإن كان الأمر الظاهر مخالفا للأمر الواقعي فأصالة البراءة حجة ما دام لم يمنع الشارع المقدّس عنها في مواردها وهي فقد النص ، أو تعارض النصين ، أو إجماله ، فكذا السيرة العقلائية المستمرة على العمل بخبر الثقة حجة ما دام لم يردع الشارع الأقدس عنها والظاهر أنّه لم يردع العقلاء عنها وإلّا لبان واشتهر ووصل إلينا ولكن التالي منتف فالمقدم مثله.
قوله : فافهم وتأمّل ...
والأوّل إشارة إلى أنّه قد ذكر في طي الإشكال الثاني في عبارة المصنّف قدسسره ضمائر كثيرة وهي تبلغ ثمانية عشر ضميرا ولهذا أمر قدسسره بالفهم كي لا يشتبه عليك الأمر في تعيين مراجعها ولا ريب في أن الضمير المذكر يرجع إلى خبر الثقة ، والضمير الذي يكون مدخولا للام الجارة يرجع إلى الآيات الناهية والضمير الذي يكون مدخولا للباء الجارة ، أو عن الجارة يرجع إلى السيرة العقلائية.