قد ذكرنا ـ أيضا ـ أن الرسل إنما جاءوا ، وبعثوا بالدعاء إلى توحيد الله ، والعبادة له ، وأن لا معبود يستحق العبادة سواه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ).
قال بعضهم : كانت نفس شعيب بينة وحجة لقومه لكنا لا نعلم ذلك ، غير أنا نعلم أنه كانت معه آيات وبراهين ، لكن الله لم يبين لنا ذلك ، ونفس محمد صلىاللهعليهوسلم كانت حجة وبينة بالأعلام التي جعلت له في نفسه ؛ من ذلك الختم الذي كان بين كتفيه (١) ، والنور الذي
__________________
(١) اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى.
أحدها : أنه مثل زرّ الحجلة.
روى الشيخان عن السائب بن يزيد ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : قمت خلف ظهر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة.
الثاني : أنه كالجمع. روى مسلم عن عبد الله بن سرجس ـ بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة ـ رضي الله تعالى عنه ، قال : نظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل.
الثالث : أنه كبيضة الحمامة.
روى مسلم والبيهقي عن جابر بن سمرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : رأيت خاتم النبوة بين كتفي النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مثل بيضة الحمامة يشبه جسده.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن سلمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : رأيت الخاتم بين كتفي النبي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مثل بيضة الحمامة.
الرابع : أنه شعر مجتمع.
روى الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وأبو يعلى والطبراني من طريق علباء ـ بكسر المهملة وسكون اللام بعدها موحدة ـ ابن أحمر ـ بحاء مهملة وآخره راء ـ عن أبي يزيد عمرو ابن أخطب ، بالخاء المعجمة ، الأنصاري ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ادن فامسح ظهري». فدنوت ومسحت ظهره ، ووضعت أصابعي على الخاتم. فقيل له : ما الخاتم؟ قال : شعر مجتمع عند كتفه.
ورواه أبو سعيد النيسابوري بلفظ : شعرات سود.
الخامس : أنه كالسلعة.
روى الإمام أحمد وابن سعد والبيهقي من طرق عن أبي رمثة ـ بكسر الراء وسكون الميم فثاء مثلثة ـ رضي الله تعالى عنه ، قال : انطلقت مع أبي إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنظرت إلى مثل السّلعة بين كتفيه.
السادس : أنه بضعة ناشزة.
روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : الخاتم الذي بين كتفي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بضعة ناشزة.
وفي لفظ عند البخاري في التاريخ والبيهقي : لحمة ناتئة. ولأحمد : لحم ناشز بين كتفيه.
السابع : أنه مثل البندقة.
روى ابن حبان في صحيحه من طريق إسحاق بن إبراهيم قاضي سمرقند : حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ قال : كان خاتم النبوة على ظهر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مثل البندقة من لحم ، مكتوب فيها : محمد رسول الله. ـ