أبلغ ؛ لأنه أمر بتبليغ ما أنزل إليه ، فيقول : أنا أول من أسلم بالذي أمرت بالتبليغ.
ويحتمل : أن يكون لا على توقيت الإسلام ؛ ولكن على سرعة الإجابة والطاعة [له](١) ؛ كقوله : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) [الزخرف : ٤٨] : هو على الوصف بغاية العظم ، ليس على أن بعضها أكبر وأعظم وبعضها أصغر ؛ ولكن كلها أعظم وأكبر ؛ فعلى ذلك هذا ليس على وقت الإسلام ، ولكن لسرعة الإجابة ، والطاعة له ، والله أعلم.
الإسلام : هو جعل النفس وكلية الأشياء لله سالمة ، أي : أنا أول من جعل نفسه لله سالمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ).
يحتمل هذا وجهين :
يحتمل : أغير الله أبغي ربا وقد تعلمون أن لا رب سواه؟!
ويحتمل : أغير الله أبغي ربا سواه ، وفي كل أحد أثر ربوبيته وألوهيته قائم ظاهر ، وفيما تدعونني إليه أجد آثار العبودية والربوبية لله فيه ، فكيف أتخذ ربا سواه؟!.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها).
يحتمل وجهين :
[الأول](٢) يحتمل : لا تكسب كل نفس من [سوء](٣) إلا عليها ، أي : لا يتحمل ذلك غيره عنه في الآخرة ؛ وكذلك قوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [فاطر : ١٨] ، وكقوله : (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) [النور : ٥٤].
[الثاني](٤) ويحتمل : أن يكون قوله : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) ، أي : لا تكسب كل نفس ـ لو تركت وما تختار ـ إلا عليها ، لكن الله بفضله يمنع بعضها وما تختار على نفسها ؛ كقول يوسف ـ عليهالسلام ـ : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) [يوسف : ٥٣] : أخبر أنها كاسبة السوء إلا ما عصمها ربي.
وجائز أن يكون على الإضمار ؛ كأنه يقول : ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولها ، ومثله جائز في القرآن ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان : ١] ، وهو نذير
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.