أي : للذي أحسن.
وفي حرف ابن مسعود (١) ـ رضي الله عنه ـ : تماما وعلى الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء ، أي : تبيانا لكل شيء ، وهدى من الضلال والشبهات ، ونعمة ، ورحمة من العذاب والعقاب.
(لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ).
أي : ليكونوا بلقاء ربهم يؤمنون ؛ هو على التحقيق.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) يقول : أتم له الكتاب على أحسنه على الذي بلغ من رسالته ، وتفصيل كل شيء : بيان كل شيء (وَهُدىً) ، أي : تبيانا من الضلالة (وَرَحْمَةً) ، أي : نعمة ، (لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) ، أي : بالبعث بعد الموت ، (يُؤْمِنُونَ) ، أي : ليكونوا مؤمنين بالبعث.
ومنهم من يقول (٢) في قوله : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) : إنه وإن أتى بحرف الترتيب ، فإنه على الإخبار ؛ كأنه قال : ثم قد كنا آتينا موسى الكتاب تماما ، معناه : وقد آتيناه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ) يعني : القرآن أنزلناه.
(مُبارَكٌ).
قال أبو بكر الكيساني (٣) : البركة هي التي من تمسك بها أوصلته إلى كل خير وعصمته من كل شرّ ، وهو المبارك.
وقال الحسن (٤) : هو المبارك (٥) لمن أخذه واتبعه وعمل به ، فهو مبارك له ، وسمّي هذا القرآن مباركا ؛ لما يبارك فيه لمن اتبعه ، هو مبارك لمتبعه والعامل به ، وإلا من لم يتبعه فليس هو بمبارك له ، بل هو عليه شدة ورجس ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٤ ـ ١٢٥] ، فهو ما ذكرنا مبارك لمن اتبعه وتمسك به ، وسمي مجيدا ـ أيضا ـ وكريما لمن اتبعه يصير مجيدا
__________________
(١) أخرجه ابن الأنباري كما في الدر المنثور (٣ / ١٠٧) وينظر تفسير البغوي والخازن (٢ / ٤٦٩).
(٢) ينظر تفسير البغوي مع الخازن (٢ / ٤٦٩).
(٣) قال أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢٥٧) : والمبارك هو الثابت الدائم في ازدياد وهذا مشعر ببقائه ودوامه.
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٠١) (١٤١٨٤) عن قتادة بنحوه ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٠٧) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.
(٥) في ب : مبارك.