والثمار على ميزان واحد : ما لو جهدوا كل الجهد أن يعرفوا الفضل والتفاوت بين الأوراق والثمار ما قدروا ، وما وجدوا فيها تفاوتا. ويخرج ـ أيضا ـ كل عام من الثمار والأوراق ما يشبه العام الأول ؛ فدل ذلك كله أن منشئها ومحدثها مالك حكيم ، وضع كل شيء موضعه ، وأن ما أنشأ [أنشأ](١) لحكمة وتدبير لم ينشئها عبثا ؛ فله الحكم والتدبير في الحل والحرمة والقسمة ، ليس لأحد دونه حكم ولا تدبير في التحريم والتحليل : (هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) [النحل : ١١٦] ، وهذا لهذا وهذا لهذا ؛ إنما ذلك إلى مالكها ؛ فخرج هذا ـ والله أعلم ـ مقابل ما كان منهم من قوله : (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ) [الأنعام : ١٣٨] ، [وقوله : (هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ)](٢)(وَهذا لِشُرَكائِنا) [الأنعام : ١٣٦] ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ) [الأنعام : ١٣٨] ، وغير ذلك من الآيات التي كان فيها ذكر تحكمهم على الله ، وإشراك أنفسهم في حكمه.
ثم اختلف في قوله : (مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) :
قيل (٣) : معروشات : مبسوطات ما ينبت (٤) منبسطا على وجه الأرض ، (وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) : ما يقوم بساقه ، لا ينبسط على الأرض.
وقيل : معروشات : ما يتخذ له العريش ، من نحو العرجون (٥) والقرع (٦) وغيره ، وغير معروشات : ما لا يقع الحاجة إلى العرش ؛ من نحو : النخيل والأشجار المثمرة ، وهما واحد.
وقيل : على القلب ، معروشات : ما تقوم بساقها ، وغير معروشات : ما لا ساق لها ، والله أعلم. وتعريشه ما ذكر على أثره.
(وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ).
منها ما يكون متشابها في اللون مختلفا في الأكل والطعم ، ومنها ما يكون مختلفا في
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) ذكره البغوي والخازن في تفسيرهما (٢ / ٤٥٤) ونسباه لابن عباس وكذا أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط (٤ / ٢٣٨).
(٤) في أ : ما تنبت.
(٥) العرجون : ما يحمل التمر ، ويطلق على العذق وهو من النخل كالعنقود من العنب. ينظر المعجم الوسيط (١ / ٥٩٢) (عرجن).
(٦) جنس نباتات زراعية من الفصيلة القرعية ، فيه أنواع تزرع لثمارها ، وأصناف تزرع للتزيين ، واحدته : قرعة ، وأكثر ما تسميه العرب : الدباء. ينظر المعجم الوسيط (٢ / ٧٢٨) (قرع).