وقال قائلون : زين لهم أعمالهم التي يعملونها.
ثم اختلف في الذي زينها : قال الحسن (١) : زين الشيطان أعمالهم [لهم](٢).
وقال غيره : زينها الأكابر على الأصاغر.
وقال قائلون (٣) : زينها الله ، ولكن ما أضيف إلى الشيطان من التزيين والإضلال إنما يضاف إلى ما (٤) يدعوهم ويحثهم على ذلك ويوحي إليهم ، وما يضاف إلى الأكابر : القول والدعاء إلى ذلك ، وما يضاف إلى الله من : التزيين ، والإضلال ، والإزاغة ، وغير ذلك يضاف للخلق ، أي : خلق منهم : فعل الضلال ، وفعل التزيين (٥) ، وفعل الزيغ ، يضاف إلى الله خلقا ، وإلى الشيطان والأكابر : دعاء ووحيا وإلقاء ، على هذا يخرج جميع الإضافات ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها).
أي : جعل في كل قرية من أهل الكفر أكابر مجرميها ، وعظماءها ، كما جعل في قريتك أكابر مجرميها ؛ يصبر رسوله صلىاللهعليهوسلم على ذلك ليعلم أنه ليس بمخصوص هو بهذا دون غيره من الأنبياء.
ثم اختلف في قوله : (جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) ، وقد ذكرنا أقاويلهم في قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) [الأنعام : ١١٢] ، ثم قوله : (جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها).
قالت المعتزلة : لم يجعل الأكابر فيها ليمكروا فيها ؛ ولكن لما وسع الدنيا وبسطها عليهم مكروا فيها ، وكذلك قالوا في قوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) [الأعراف : ١٧٩] : لا يجوز أن يخلقهم [لجهنم](٦) ؛ [ولكن لما عملوا أعمال الكفر والضلال صاروا لجهنم](٧).
وقالوا : هو على الإضمار ؛ كأنه قال : كذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها لئلا
__________________
(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢١٦) ، والبغوي في تفسيره مع الخازن (٢ / ٤٣٩) ونسبه لابن عباس.
(٢) سقط في أ.
(٣) ذكره أبو حيان في البحر (٤ / ٢١٦) والخازن في تفسيره (٢ / ٤٣٩).
(٤) في ب : لما.
(٥) في ب : تزين.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب. لا أنه خلقهم لجهنم.