أي : فني ما عنده رغب عنه وقال : لا أحب هذا ، ثم ظفر باللاحق ، ثم كذلك بالإمام ، ثم توجه نحو التالي بالقبول من الرسول ؛ إذ التالي (١) عندهم هو الذي فطن ما ذكر ، فلما جاوز درجة المتم ـ وهو الإمام ـ صار إلى درجة الرسالة ، وهو القابل من التالي بالخيال والمصور للشرائع عندهم ، فألزموا بهذا عبادة أرباب ، وأن الارتفاع من درجة إلى درجة بأولئك.
وذلك أمر متناقض على المتأمل ؛ لأنه لما فني ما عند المأذون صار إلى اللاحق ، والمأذون كان به مأذونا فلم يكن الثاني بما يصير إليه أحق من الأول ؛ إذ لو كان (٢) به صار مأذونا ولو كان ثم درجة أخرى ، فإما أن يكون ينال (٣) تلك في الوقت (٤) الذي يلقى المأذون ذلك إلى غيره أو لا : فإن كان لا ينال فلا أسفه من المأذون ؛ حيث امتنع عما يعليه إلى الدرجة الثانية وبلغ غيره أو ينال معه ، فإذا صار هو معه في درجة المتم فكيف قال : لا أحبه ، وهو آثر الذي ذلك وصفه؟! ثم كيف قال لا أحب وذهاب ما به أخذ بحظه عن الأخذ من الآخر؟!
أو كيف صار ربه قبل أن يربيه ، فلما رباه تبرأ من ربوبيته وآثر ربا آخر؟!
فإذا عاقبة شكره وسعي ربه في شأنه كفرانه به ؛ وكذلك درجة فدرجة حتى يكفر بالتالي ثم بالعقل ، ثم يصير إلى رب العالمين ، وهو الربّ في الابتداء والانتهاء ، لا رب لأحد سواه [جل عن الشركاء](٥) ؛ إذ إليه حاصل الأمر ومصير الخلق ، ولو كان كل مرتق حدا يرتقي آخر لكانت تلك الحدود يكون أبدا آخرها ، فيكون الكل (٦) توالى أو مطلقا (٧) ، ويبطل الأولاء (٨) والمأذونون والأئمة (٩) جميعا ، وقد كرم الله ـ تعالى ـ عليا ـ كرم الله وجهه ـ عن هذا الخيال ، وعصمه عن هذا الوسواس ، والحمد لله.
قوله تعالى : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا
__________________
(١) في ب : الثاني.
(٢) في ب : إذا كان.
(٣) في أ : بيان.
(٤) في ب : الوقف.
(٥) في أ : عزوجل عن الشركاء. والصواب ما أثبتناه من ب.
(٦) في ب : الأول.
(٧) في ب : أو نطقا.
(٨) هكذا في الأصل ولعلها الأولياء.
(٩) في أ : والآية.