الحق ووجه اتباعه ؛ ليكون ذلك تذكرة لجميع ذريته.
والرابع : أنه ذكر الخبر عن أحواله بمخرج ظاهر يوهم المكروه ، وله وجه الصرف إلى ما [ليس](١) فيه نفار عنه للطبع ، ولا يأباه للعقل ؛ ليمتحن عباده بالقول (٢) فيه والوقف في أمره.
والخامس : ليعلم أن المحاجة في الدين على قدر ما تحتمله العقول لازمة ؛ إذ بها أفحم إبراهيم قومه وأظهر دين ربه ، فيبطل بذلك قول كثير من المسلمين الذين يكرهون المناظرة في الدين ، ويرون في ذلك تقليد الإسنادين و (٣) ظواهر ما جاءت (٤) به الآثار ، التي في اتباع أمثالها تناقض عند العقلاء ، ولا قوة إلا بالله.
والسادس : أن (٥) المناظرة تكون بوجهين : بطلب الدلالة في (٦) تثبت القول ، وبإظهار الفساد بما يتمكن فيه من العيب ؛ إذ هو رد ما ادعوا من الربوبية فيمن ذكر ، بما في ذلك من آثار التدبير لغيره ؛ وكذلك قال في الأصنام : (لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) [مريم : ٤٢] ، وقال : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) [يس : ٢٢] ، وقال في موضع آخر : (الَّذِي خَلَقَنِي) [الشعراء : ٧٨] إلى آخر ما أخبر ؛ فمرة أبطل قولهم بالمعنى الذي بضده احتج في ثبات قوله ، [وجائز في كل ذلك أن يقول لهم](٧) : ما الدليل على ما تدعون لما تذكرون من الربوبية؟
والسابع (٨) : جواز التسليم بإظهار الموافقة ، وإن كان المسلم بحقيقة ذلك منكرا وله دافعا ، إذا كان في المساعدة بذلك في الظاهر نيل الفرصة والظفر بالبغية ؛ إذ على ذلك خرجت (٩) مناظرته قومه ، [وعلى ذكر](١٠) ما احتج به في قوله : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] إذ قال خصمه : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] ، وإقباله على حجة هي أوضح من ذلك وأقهر للعقل وألزم في الطبع ، فقال : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : القول.
(٣) في أ : أو.
(٤) في ب : جاء.
(٥) في ب : بأن.
(٦) في ب : على.
(٧) في ب : وجائز في كل صنع أمر الذي خلقني.
(٨) في ب : والرابع.
(٩) في ب : خرج.
(١٠) في ب : وعلى ذلك تركه.