قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٤ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٤ ]

135/559
*

[المؤمنون : ٩١] ثم رآهم عبدوا الأصنام وسموها آلهة ، فتأمل فوجدها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر ، علم أن مثلها لا يحتمل أن يكون يخلق ما ذكر ، وأن الذي ذلك فعله لعلي عظيم ، يجب طلب معرفته من العلو بما كان يسمع [نسبة](١) الملائكة إلى السماء ونزول الغيث منها ، ومجيء النور والظلمة وكل أنواع البركات وغيرها منها ، فصرف تدبير الطلب الذي نسب إليه الخلق إليها.

ثم أوّل ما أخذ في التأمل والنظر لم يقع بصره على أحسن وأبهى من الذي ذكر ، فظنه ذلك ، ثم لما قهر وقد كان علم بأن خالق من ذكر لا يجوز أن يقهر ، فمن ذلك علم أنه ليس هو وقال لمن قهر ، [و](٢) ذلك إلى أن قهر الليل ضوء الشمس ، وصار بحيث لا يجري (٣) له السلطان ، ورأى في الكل آثار التسخير والتذليل ، ولم ير فيها أعلام من [له](٤) الأمر والخلق ، فعلم أن الرب لا يدرك من ذلك (٥) الوجه ، ولا يعرف من جهة الحواس ، فرجع إلى ما سمع من أنه خلق السموات والأرض ، فوجه نفسه إليه بالعبودية ، واعترف له بالربوبية بما في الخلق من آثار ذلك ، وفي القول من تسمية من له الخلق ربا وإلها ، فآمن به ، وذلك كان أول أحوال احتماله علم الاستدلال وبلوغه المبلغ الذي من بلغه يجري عليه الخطاب ، ولا قوة إلا بالله.

ومنهم من قال (٦) : إنه كان بالغا قد جرى عليه القلم ، وقد كان رأى ما ذكر غير مرة ، لكن الله لما أراد أن يهديه ألهمه ذلك وألقاه في نفسه ، فانتبه انتباه الإنسان لشيء كان عنه غافلا من قبل ، فرأى كوكبا أحمر يطلع عند غروب الشمس ، فراعاه (٧) إلى أن أفل ، فأراد [إذن](٨) من الله قربة ، وعلم أن ربه لا يزول ولا يتغير ، ففزع إليه وقال : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ؛ وكذا ذكر في القمر والشمس إلى أن عرف الله ، فتبرأ مما كانوا يشركون ، وتوجه (٩) بالتوحيد والعبادة إليه ؛ وإلى هذا التأويل ذهب الحسن.

الأول : روي عن ابن عباس رضي الله عنه.

__________________

(١) سقط في ب.

(٢) سقط في ب.

(٣) في ب : تجري.

(٤) سقط في ب.

(٥) في ب : هذا.

(٦) ينظر تفسير الخازن (٢ / ٤٠٢).

(٧) في أ : فرآه.

(٨) سقط في أ.

(٩) في ب : ووجه.