الخُطوة الثّامنة : معرفة الله تعالى ومعرفة النّفس
من الخَطوات
الاولى في طريق إصلاح النّفس ، والتّهذيب الرّوحي ، وبلورة الأخلاق والملكات
الأخلاقية السّامية ، في واقع الإنسان هي : «معرفة النّفس».
فكيف يمكن
للإنسان أن يرقى في درجات الكمال الرّوحي ويتحرك على مُستوى إصلاح عُيوبه ،
والتّخلص من رذائله الأخلاقيّة ، والحال أنّه لا يعرف نفسه من موقع الوعي لذاته؟
وهل للمريض أن
يذهب إلى الطّبيب ، ولمّا يعرف أنّه مُصابٌ بالمرض؟
وهل لِلتائه
الضّال عن الطّريق ، أن يعرف وجهته ، ويتحرك في طريق العثور على الجادة الصّحيحة ،
قبل أن يعرف أنّه ضالٌ عن الطريق؟
وهل للإنسان أن
يُهيّىء أسباب ووسائل الدّفاع عن نفسه ، وهو لا يعرف أنّ العدوّ قد كَمَن له على
باب داره؟
من الطّبيعي ،
أنّ الإجابة عن هذه الأسئلة هو بالنّفي ، فكَذلك من لا يعرف نفسه ولا عيوبه فإنّه
لن يستطيع أن يتحرّك في عملّية إصلاح نفسه ، ولن يستفيد من أطبّاء الرّوح ، في خطّ
التّربية والتّهذيب.
وبهذه الإشارة
نعود إلى صُلب الموضوع ، لنبيّن علاقة معرفة النّفس بِتهذيبها ، وكذلك العلاقة بين
: معرفة الله وتهذيب النّفس.
١ ـ علاقة معرفة النّفس بتهذيبها
كيف يُمكن
لمعرفة النّفس أن تكون سبباً في تهذيب النّفس؟ دليلُهُ واضحٌ وبَيّنٌ ، لأنّه :
أولاً
: إنّ الإنسان
عن طريق معرفة نفسه ، سوفَ يعَي كرامةَ نفسه ، وشرفَ ذاتِه ، وعظمةَ الصّنع الإلهي
في هذه الخِلقة ، وبالتّالي سَيُدرِك ، أهميّة الرّوح الإنسانيّة ، التي هي نفحةٌ
من نفحات قُدسه ، نعم فإنّه سَيُدْرِك أنّ الجوهَرة الّثمينة ، التي منحه الله
تعالى إيّاها ، عليه ألّا يُضيّعها ولا يَبيعها بأبخسِ الأثمان ، فلن يُضيّعها
إلّا من كانَ يعيش الرّذائل الأخلاقيّة ، ومن غَرِق