(فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) ، وعندها تظهر حقيقة العبوديّة لله تعالى في واقع النّفس.
المنزل الحادي عشر : الهجرة العظمى ، وهي هجرة الذّات ونسيانها ، والسّفر إلى عالم الوجود المطلق ، والتّوجه الكامل للذّات المقدّسة للباري تعالى ، وهي الّتي تدخل في جملة خطاب : (وَادْخُلِي جَنَّتِي).
المنزل الثّاني عشر : الجهاد الأعظم ، فبعد هجرة الذّات ، يتوسل بالله تعالى أن يمحو كلّ آثار الأنا ، ويضع القدم على بساط التّوحيد المطلق.
فبعد أن تُطوى هذه العوالم الإثنا عشر ، يدخل في عالم الخُلوص ، ويكون مصداقاً لقوله تعالى : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). (١)
كيفية السّير والسّلوك في هذه الطريقة :
في رسالة السّير والسّلوك المنسوبة للعلّامة بحر العُلوم ، وبعد ذكره للعوالم والمنازل المذكورة آنفاً ، يتطرق إلى كيفية السّير في هذا الطريق الصعب ، والملىء بالمفاخر ، ويذكر (٢٥) أمراً للوصول إلى المقاصد العليا ، ونذكرها بشكل مختصر :
فالسّالك إلى الله تعالى ، والمريد للقرب منه ، لأجل الوصول إلى هذه العوالم ، وبعد إطّلاعه الكامل على اصول الدين وفروعه ، وأحكامه الإسلامية من الطُرق المعتبرة ، يشدُّ الرحال ويأخذ طريقه في عملية السّلوك ، من خلال الإلتزام بالمراحل ال (٢٥) ، ليصل إلى المقصود :
أولاً : ترك الآداب والرّسوم والعادات التي تقف عقبةً في الطريق ، وتغرقه في بحر الآثام.
ثانياً : العزم القاطع للسّير في هذا الطّريق ، فلا يخاف شيئاً ، ولا يتردّد ، وليعتمد على لُطف الله تعالى.
ثالثاً : الرّفق ومُداراة النّفس ، فلا يحمّلها أكثر من طاقتها ، كي لا تنفر ولا تنطفيء جذوتها ،
__________________
١ ـ للإطّلاع ، يرجى مراجعة : رسالة السّير والسّلوك للمرحوم السيّد بحر العلوم قدسسره ، وفيه تفاوت وإختلاف بينه وبين رسالة العلّامة الطباطبائي ، لبّ اللّباب ، وهنا في الواقع تلفيق من الإثنين.