عن المرء لا تسلْ وسلْ عن قرينه |
|
فكلّ قرينٍ بالمقارن يقتدي |
٣ ـ تأثير الاسرة والوراثة في الأخلاق
من المعلوم أنّ أوّل مدرسةٍ لتعليم القيم الأخلاقيّة ، يدخلها الإنسان هي الاسرة ، فكثيرٌ من اسس الأخلاق ، تنمو في واقع الإنسان هناك ، فالمحيط السّليم أو الملّوث للُاسرة ، له الأثر العميق في صياغة السّلوك الأخلاقي ، لأفراد الاسرة ، إنّ على مستوى الأخلاق الحسنة أو السيئة ، فالحجر الأساس للأخلاق في واقع الإنسان يوضع هناك.
وتتبيّن أهميّة الموضوع ، عند ما يتّضح أنّ الطفل في حركته التكامليّة ، ومسيرته في خط التّربية :
أولاً : يتقبّل ويتأثر بالمحيط بسرعةٍ كبيرةٍ.
ثانياً : إنّ ما يتعلمه الطّفل في صغره ، سوف ينفذ إلى أعماق نفسه وروحه ، وقد سمعنا الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، يقول فيه :
«العِلمُ فِي الصِّغَرِ كالنَّقشِ فِي الحَجَرِ» (١).
فالطفل يستلهم كثيراً من سجايا أبيه وامّه واخوته وأخواته ، فالشّجاعة والسّخاء والصّدق والوفاء ، وغيرها من الصّفات والسّجايا الأخلاقيّة الحميدة ، يأخذها ويكسبها الطّفل من الكبار بسهولةٍ ، وكذلك الحال في الرّذائل ، حيث يكسبها الطّفل من الكبار بسهولةٍ أيضاً.
وبالإضافة إلى ذلك ، فإنّ الطّفل يكسب الصّفات من أبويه عن طريقٍ آخر ، وهو الوراثة ، فالكر وموسومات لا تنقل الصفات الجسمانية فحسب ، بل تنقل الصفات الأخلاقيّة أيضاً ، ولكن من دون تدخل عنصر الإجبار ، حيث تكون هذه الصّفات قابلةٌ للتغيير ، ولا تسلب المسؤوليّة من الأولاد أيضاً.
وبعبارةٍ اخرى ، أنّ الأبوين يؤثران على الطّفل أخلاقياً من طريقين ، طريق التّكوين ، و
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ٢٢٤.