بشكلها المادي ، فان أفراده لا وسيلة لهم إلّا القبول بنسبيّة الأخلاق ، لأنّ المجتمع البشري يكون دائماً في حالة تغيّر وتحوّل ، وعلى هذا فليس من العجيب في أمر هذه الجماعة أنّهم جعلوا الرأي العام للمجتمع ، هو المرجع لتشخيص الحَسن والقَبيح من الأخلاق.
ونتيجةُ مثل هذه العقيدة ، معلومةٌ وواضحةٌ قبل أن تظهر للوجود ؛ لأنّها تُسبب في تبعيّة القيم الأخلاقية للمجتمعات البشريّة ، والتّوافق مع الظّروف ومتغيرات وأحوال ذلك المجتمع ، والحال أنّ المجتمع هو الذي يجب أن يتبع الاصول الأخلاقيّة : لِتُصلح مفاسده.
فمن وجهة نظر هذه الجماعة ، أنّ وأد البنات وهنّ أحياء ، في زمن المجتمع الجاهلي العربي القديم ، هو أمر أخلاقي ، وكذلك الغارات التي كانت تشنّها القبائل على بعضها البعض ، وتعتبر عندهم من المفاخر ، ولأجلها كانوا يُحبّون الأولاد ويقدّرونهم ، حتى يكبروا ويحملوا السّلاح ليحاربوا مع آبائهم ، فهي أيضاً أمر أخلاقي ، وكذلك الجنسيّة المثليّة المتفشيّة في الغرب ، تُعتبر من وجهة نظرهم أمراً أخلاقيّاً؟!
فالعواقب الخطيرة التي تحملها أفكار هذه المذاهب في حركة الواقع الإجتماعي ، لا تخفى على عاقلٍ طبعاً.
ولكن في الإسلام ، فإن المعيار الأخلاقي والفضائل والرّذائل ، تُعيّن من قبل الباري تعالى ، وذاته ثابتةٌ لا تتغير ، فالمُثل والقِيم الأخلاقيّة ستكون ثابتةً ولا تتغير ، ويجب أن تكونَ هي القاعدةُ الأصلُ للأفراد والمجتمع في سلوكهم الأخلاقي ، لا أن تكون الأخلاق تابعةٌ لرغبات ومُيول المجتمع.
الموحدون يعتقدون أنّ الفطرة والوجدان الإنساني إذا لم تتلوث ؛ فستبقى ثابتةً أيضاً ، بإعتبارها تمثل النّور المنعكس عن الذّات المقدسة للباري تعالى ، وعلى هذا فإنّ الأخلاقيّات تعتمد على الوجدان ، وبعبارةٍ اخرَى فإنّ القُبحَ والحُسنَ العَقليان : (المقصود العقل العملي لا النّظري) ، يثبتان أيضاً.
الإسلام ينفي نسبيّة الأخلاق :
طرح القرآن الكريم في آياتٍ عديدةٍ كلمة «الطيّب والخبيث» بصورةٍ مطلقةٍ ، ولم يجعل