(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ).
فقد كانوا يزاحمون الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، في أوقات الرّاحة ، وفي بيوت أزواجه ، ويُنادونه بأعلى أصواتهم قائلين : يا مُحَمِّد! يا مُحَمِّد! اخرُجُ إلَينا.
فكان الرّسول صلىاللهعليهوآله ينزعج كثيراً من سوء أدبهم وقلّة حيائهم ، ولكن حياؤه يمنعه من البوح لهم ، وبقي كذلك يتعامل معهم من موقع الحياء ، حتى نزلت الآية ، ونبّهتهم لضرورة التأدّب أمام الرسول صلىاللهعليهوآله ، وشرحت لهم كيف يتعاملون معه صلىاللهعليهوآله ، من موقع الأدب والإحترام.
وفي تعبير : (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ، إشارة لطيفة للسّبب الكامن وراء سوء تعاملهم ، وقلّة أدبهم وجسارتهم ، وهو في الغالب عبارةٌ عن هُبوط المستوى العلمي ، والوعي الثقافي لدى الأفراد.
٨ ـ أصحاب النّار لا يفقهون
لا شك أنّ أصحاب النّار هم أصحاب الرذائل ، والملوّثين بألوان القبائح ، وقد نوّه إليهم القرآن الكريم ، وعرّفهم بالجُهّال ، وعدم التّفقه ، ويتّضح منه العلاقة بين الجهل وإرتكاب القبائح ، فنقرأ في الآية (١٧٩) من سورة الأعراف :
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ).
فقد بيّنت هذه الآية وآيات كثيرةٌ اخرى ، العلاقة الوطيدة بين الجهل ، وبين أعمال السوء وإرتكاب الرذائل.
٩ ـ الصبر من معطيات العلم
الآية (٦٥) من سورة الأنفال ، تنبّه المسلمين على أنّ الصّبر الذي يقوم على أساس الإيمان والمعرفة ، بإمكانه أن يمنح المسلمين قوّة للوقوف بوجه الكفّار ، الذين يفوقون المسلمين عدداً وعدّةً ، تقول الآية :