وَوَرد في
حديثٍ عن الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال :
«إِنَّ
لِسانَ المُؤمِنِ وَراءَ قَلْبِهِ ، فَإِذا أَرادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشيءٍ
تَدَبِّرَهُ بِقَلْبِهِ ، ثُمَّ أَمضاهُ بِلِسانِهِ وإنَّ لِسانَ المُنافِقِ
أَمامَ قَلْبِهِ ، فَإِذا هَمَّ بِشيءٍ أَمضاهُ بِلِسانِهِ وَلَم يَتَدَبَّرْهُ
بِقَلْبِهِ» .
وَوَرد نفسُ
هذا المعنى ، مع بعض الإختلاف في كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام ، في الخُطبة (١٧٦) من نهج البلاغة.
ونقرأ في
تعبيرٍ آخر ورد عن الإمام الحسن العسكري عليهالسلام ، أنّه قال : «قَلْبُ الأَحْمَقِ في فَمِهِ ، وَفَمُ
الحَكِيمِ فِي قَلْبِهِ» .
فَمن البَديهي
، أنّ المراد من القلب هُنا هو العقل والفكر ، وَوُجود اللّسان في موقع الأمام أو
الخلف ، هو كنايةٌ عن التدبّر والتفكّر في محتوى الكلمات والألفاظ ، قبل النّطق
بها ، وبالفِعل كم يكون جميلاً ، لو أنّنا حسبنا لكلامنا حسابه ، وفكّرنا في كلّ
كلمةٍ نريد أن نقولها ، والدّوافع والنّتائج التي ستعقبها ، وهل أنّها من اللّغو
أو ممّا يفضي إلى إيذاء مؤمنٍ ، أو إلى تأييد ظالم وأمثال ذلك ، أو أنّها تنطلق من
موقع الدّوافع الإلهيّة ، ولغرض حماية المظلوم ، وفي طريقٌ الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر ، وكسب مَرضاة الله تعالى؟!.
ونَختم هذا
الكلام ، بحديثٍ جامعٍ لجميع الموارد المذكورة آنفاً ، يمنح قلب الإنسان نوراً
وصفاءً ، وقد ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال :
«إِنْ
أَحبَبتَ سَلامَةَ نَفْسِكَ وَسَترَ مَعايبِكَ ، فَاقْلِل كَلامَكَ وَأَكْثِر
صَمْتَكَ ، يَتَوفَّرْ فِكْرُكَ وَيَستَنِرُ قَلْبُكَ».
هذه هي خلاصة
دور اللّسان في تهذيب النّفس ، وطهارة الأخلاق والاصول الكلّية لحفظ اللّسان ،
وبالطّبع سوف نقدم شرحاً وافياً ، لتفاصيل أهمّ الإنحرافات والذّنوب اللّسانيّة ،
كالغيبة والتّهمة والكَذب والَنميمة ونشر الأكاذيب وإشاعة الفحشاء ، وذلك في
المجلّد الثاني من الكتاب ، إن شاء الله تعالى ، بعد الإنتهاء من بيان الاصول
الكلّية لِلقيم الأخلاقيّة.
__________________