موانع الإخلاص وآفاته على نحوين : جليّةٌ ، وخفيّةٌ. فبعضها خطر جداً ، والبعض الآخر أضعف ، والشّيطان والنّفس الأمّارة ، يسعيان لتكدير صفاء القلب ، وتلويثه بالرّياء ، بالمستوى الذي يحوّل الإنسان إلى كيان مهزوزٍ ، أمام حالات الخطر ، ويشلّ فيه إرادة المُواجهة.
فَبعضٌ من مراحل الرّياء واضحةٌ للعيان ، بحيث يمكن لكلّ فرد التّوجه إليها ، مثلما يأمر الشّيطان المصلي بالتوءدة بصلاته ، كي يراه الناس ويقولوا هذا إنسانٌ مؤمنٌ ، فلا يتحرّكون من موقع الغِيبة له والوَقيعة فيه.
فهذه من حيل الشّيطان الجليّة.
ويمكن أن تكون وساوس الشيطان بصورةٍ أخفى ، حيث تتلبّس بلباس الطّاعة ، فمثلاً ، يلقي في نفسك : أنّك إنسانٌ معروفٌ ، والنّاس تشير إليك بالبَنان ، ويجب أن تكون طاعتك وعبادتك على أتمّ الصّحة ، لكي يقتدي بك الناس في أعمالهم ، وستكون شريكاً معهم في ثوابهم ، فَهنا ستستسلم لأحابيل الرّياء من دون أن تشعر.
أو تكون الخُدع والحيل أشدّ وأقوى وأخفى ، فمثلاً يقول للمصلّي إنّ العبادة في السرّ يجب أن تكون مثلها في العلانية ، والذي تكون عبادته في السّر ، أدنى مستوى من العلانية ، يعتبر من المرائين ، وبهذه الصّورة يدفعه ليحسن صلاته وينمّق عبادته في الخفاء ، ليكون كذلك في صلاته أمام الناس ، وهذا نوعٌ من الرّياء الخَفي ، ويمكن أن يغفل عنه الكثيرون ، وكذلك المراحل الأخفى والأشد (١).
نعم فإنّ آفات الإخلاص كثيرةٌ ، ولا يستطيع أيّ إنسانٍ العبور منها ، إلّا بتوفيق ربّاني ، ولطفٍ إلهي.
ونجد هذا المعنى كذلك في الرّوايات الإسلاميّة ، حيث أتحفتنا بما يلزم ، للتنبيه على آفات الإخلاص ومنها :
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٨ ، ص ١٣٣.