٥ ـ وجاء أيضاً عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، في معرض حديثه عن الحسد ، وأنّه كان ولا يزال على طول التأريخ مرضٌ نفسي عضال ، فقال :
«أَلا إنَّهُ قَدْ دَبَّ إِلَيكُم داءُ الامَمِّ مِنْ قَبلِكُم وَهُوَ الحَسَدُ ، لَيسَ بِحالِقِ الشَّعْرِ ، لَكِنَّهُ حالِقُ الدِّينِ ، ويُنجِي فِيهِ أَنْ يَكُفَّ الإِنسانُ يَدَهُ وَيَحْزُنَ لِسانَهُ وَلا يَكُونَ ذا غَمزٍ عَلَى أَخِيهِ المُؤمِنُ» (١).
٦ ـ وقد ورد في التّعبير عن الرذائل الأخلاقيّة ، في كثيرٍ من الرّوايات ب : «الدّاء» ومفهومها المرض ، وجاء مثلاً في الخطبة (١٧٦) من نهج البلاغة ، حيث يصف الإمام عليهالسلام فيها القرآن الكريم :
«فَإسْتَشفُوهُ مِنْ أَدواءِكُم ... فَإِنَّ فِيهِ شِفاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ وَهُوَ الكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالغيُّ والضَّلالُ».
ونرى أيضاً هذا التعبير في روايات كثيرة اخرى.
وخلاصة القول ، إنّ الفضائل والرّذائل ، وطبقاً لهذه النظرية والرؤية ، علامةٌ لسلامة ومرض الرّوح عند الإنسان ، والأنبياء عليهمالسلام والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، كانوا معلمي أخلاق ، وأطباء نفسيين ، وتعاليمهم تجسّد في مضمونها الدّواء النّافع والعلاج الشافي.
وعلى هذا ، فكما هو الحال في الطّب المادي ، ولأجل الوصول إلى الشّفاء الكامل ، يحتاج المريض إلى الدواء ، ويحتاج إلى الحُمية من بعض الأكلات ، فكذلك في الطّب النّفسي والرّوحي الأخلاقي ، يحتاج إلى الإمتناع عن أصدقاء السّوء ، والمحيط الملّوث بالمفساد الأخلاقيّة ، وكذلك الإمتناع عن كلّ ما يَساعد على تفّشي الفساد ، في واقع الإنسان النفسي ، ومحتواه الداخلي.
فالطّب المادي جعل العمليّة الجراحيّة كعلاجٍ لبعض الحالات ، وكذلك جعل الطّب
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ، ج ١ ، ص ٦٣٠.