المجموعية ، أي أنّ العموم المجموعي هو المفاد الأولي لأداة كل ، باعتبار انّ العموم المجموعي وإن كان بحاجة إلى عناية زائدة ، لكن هذه العناية داخلة في المراد الاستعمالي لكلام المتكلم ، لأن لفظ كل قد أعمل في مدلولها هذه العناية ، فإنه مفهوم واحد يحيط بتمام الأفراد ، وحينئذ ، مقتضى اصالة التطابق بين مقامي الثبوت والإثبات هو أن تكون هذه العناية قد أخذت في موضوع المراد الجدي للمتكلم ، وإن شئت قلت : إنّ العموم المجموعي هو المفاد الأولي لأداة كل ، باعتبار أنه لا بد من افتراض وجود معنى وحداني للأداة تتوحد فيه الأفراد المتكثرة ، وأمّا الدلالة على الأفراد المتكثرة بما هي متكثرة فهي معان متكثرة لا يمكن أن تكون مدلولا للأداة الواحدة.
والتحقيق هو أن يقال : إنّ عناية توحيد الكثير على نحوين.
١ ـ النحو الأول : هو أن يفرض أنّ هناك أفراد تشترك في صفة واحدة ، «كالعلم» ، ونريد أن نعبّر عنهم جميعا بلفظ واحد ، كلفظ ، «كل» ، فحينئذ لا بدّ للمستعمل من إلباس هذه الكثرة ثوب الوحدة ، فيجعلها شيئا واحدا ويستعمل فيه اللفظ.
وهذه العمليّة ، عمليّة اعتباريّة في عالم الاستعمال ، وليس لها ما وراء في الخارج أصلا.
٢ ـ النحو الثاني : هو أن يفرض أنّ هذه الأفراد لها صفة مشتركة قائمة بمجموع الأفراد مع قطع النظر عن الاستعمال ، وهذه الصفة تعطيهم نوعا من التوحد ، باعتبار أن الأفراد بمجموعهم أصبحوا مركزا لهذه الصفة.
كعنوان الجيش ، والفرق بين النحوين هو ، أنّ صفة العلم في الأول قائمة بالجميع ، أي بكل فرد بما هو هو ، وهذه الصفة لم تعط للأفراد توحدا بحيث تصيرهم مركبا ، بينما في النحو الثاني ، التركيب ثابت بقيام صفة بالمجموع مع قطع النظر عن اعتبار المعتبر بقيام هذه الصفة.
وحينئذ يقال : إنّ عناية توحيد الكثير المأخوذة في المدلول