والجواب هو أن هنا نحوين من الرؤية.
١ ـ النحو الأول : الرؤية الإطلاقية ، وهو مكونة من عنصرين ، أحدهما ، لحاظ ذات الطبيعة. والثاني ، هو عدم لحاظ الوصف ، والمنظور بهذه الرؤية هو ذات الطبيعة ، وقد عرفنا آنفا ، أن عدم لحاظ الوصف لا يزيد في المرئي شيئا.
٢ ـ النحو الثاني : الرؤية التقييدية : وهي مكوّنة من لحاظ ذات الطبيعة ، مع لحاظ الوصف ، أو القيد.
ثم إن لحاظ القيد يساهم في تكوين نحو رؤية ، لكن له مرئي ، لأنه لحاظ ، لا عدم لحاظ.
وهاتان الرؤيتان متباينتان ، فإنّ الأولى : حيثيّة تعليليّة لسعة الانطباق ، والثانية : حيثيّة تعليليّة لضيق الانطباق ، وأمّا ذات المرئي ـ الطبيعة ـ فهو محفوظ فيهما ، وذات الطبيعة لا يمكن تصورها وتعليق الحكم عليها ، إلّا من خلال هاتين الرؤيتين ، فإنّ كلا منهما ، متوقف على وجودها في الذهن ، وهو لا يكون إلّا ضمن الإطلاق والتقييد ، فإذا لم ينظر إليها بأحدهما ، لا يمكن الحكم عليها بشيء ليقال : بأنّ الحكم يسري إلى تمام الأفراد أم لا ، وإذا نظر إليها بأحدهما ، فيتبعها حكمها.
ومن هنا يتضح ، انّ الطبيعة المهملة ، هي عين الطبيعة المطلقة ، لكن مع قطع النظر عن طراز الرؤية ، وقطع النظر عن ذلك ، هو رؤية في الحقيقة ، فالمهملة عند ما ترد إلى الذهن ، تكون مطلقة بالحمل الشائع.
وبهذا يتضح ، أنه لا معنى لدلالة الأداة على استيعاب مدخوله ، وهو اسم الجنس الذي هو ذات الطبيعة ، إلّا إذا كان الملحوظ هو الطبيعة المطلقة بالحمل الشائع ، إذ بهذه الرؤية يمكن الحكم بالاستيعاب على ذات الطبيعة ، وأمّا الطبيعة بما هي مجردة عن الرؤية الإطلاقية والتقييدية ـ المسماة بالطبيعة المهملة ـ فليست مرئية لكي يعقل أن تقع موضوعا لحكم ، سواء أكان ذلك