لكن هناك تقدّم
وتأخر رتبي بحسب مراكز هذه الأجزاء من موضوع الحكم الشرعي وبحسب جعل الجاعل الشرعي
، فإنّ الحاكم حين يرتب موضوع حكمه ، فقد يجمع أجزاء هذا الموضوع من أجزاء غير
متطابقة في الخارج ، ومثاله : «القرشية مع المرأة» ، فهي بحسب الوضع الخارجي ،
القرشية متأخرة رتبة عن المرأة ، لأنها من عوارضها ، والمولى يريد أن يحكم على
موضوع مركب من جزءين ، أحدهما المرأة ، والآخر ، القرشية.
ففي عالم الجعل ،
تارة يأخذ الجزءين مترتبين حسب ترتبهما الخارجي ، فيقول : إذا وجدت امرأة قرشية
فحكمها كذا ، فالشرط الأول والثاني عرضيان ، فلم يلحظ ترتبا بينهما ، فإذا قيل :
إذا وجدت امرأة وكانت قرشية ، فهنا لوحظ الترتب ، لأن الشرط الأول هو ، ان توجد ،
والثاني ، أن تكون قرشية ، فنفس هذا الترتب الخارجي انعكس على نظّارة المولى.
وتارة أخرى ، يفرض
اختلاف نظره ، ونظارته مع الخارج ، وذلك ، بأن يأخذ الجزءين عرضيّين ، وهنا غالبا
تستعمل النسبة الناقصة فيقول : «إذا وجدت امرأة قرشية» فيقيّد المرأة بالقرشية ،
بالمرتبة السابقة على عروض الحكم بالوجوب عليها ، فيكون هذا الوجود وجودا للمرأة ،
ووجودا للقرشية بنظر واحد ، وإن كانا في الخارج طوليين ، فاختلف هنا نظر الجاعل عن
الخارج.
وهنا يقول المحقق
العراقي (قده) ، إن المولى ، إذا جعل الحكم على موضوع ، على النحو الأول ، بحيث
يتطابق نظره مع الخارج ، فلا يجري استصحاب العدم الأزلي حينئذ ، لأنّ القرشية
متأخرة رتبة عن المرأة بحسب مركزها في جعل الجاعل لا بحسب وجودها الخارجي ، ونقيضها
ـ عدم القرشية ـ في هذه المرتبة ، وهذا العدم ليس له حالة سابقة ، إذن فلا يمكن
استصحابه ، لأنه لا شيء نستصحبه.
وأمّا إذا أخذ
الحاكم القرشية والمرأة في عرض واحد ـ أي على النحو الثاني ـ وقال : «إذا وجدت
امرأة قرشية» فحكمها كذا ، بحيث كانا في عالم