وحاصل هذا الإشكال هنا هو ، انه بعد فرض كون المخصّص منفصلا قد انعقد للعام ظهوران فعليان في كلا الفردين ، وكل منهما في نفسه ، يقتضي حجية نفسه ، وحينئذ ، بعد ورود المخصّص المنفصل ، فهو لا يهدم أصل الظهورين ، وإنّما يهدم حجيته بمقدار ما وصل إلى المكلف ، وهذا يعني ، أنّ المخصّص يكذّب أحد هذين الظهورين في العموم ، وحينئذ ، يحصل العلم الإجمالي بكذب أحدهما ، ومع حصول هذا العلم ، يحصل التكاذب والتعارض بين الظهورين ، ومع حصول التعارض يتساقطان عن الحجية ولا يبقى أيّ منهما حجة حينئذ ، لأنّه مقتضى القاعدة.
وحينئذ ، فالذي يريد أن يتمسك بالعام لإثبات وجوب إكرام «غير من خرج بالتخصيص» ، هل يريد أن يتعامل مع عنوان «غير من خرج بالتخصيص» ، وكأنّه فرد ثالث للعام ، بحيث يكون للعام ثلاثة أفراد ، زيد الأول ، وزيد الثاني ، وزيد الثالث الذي لم يخرج بالتخصيص؟ إذا كان هكذا يريد ، فهو واضح البطلان ، لأنّه لا يوجد للعام إلّا فردان ، وعنوان «غير من خرج بالتخصيص» عنوان ثانوي مشير إلى أحد هذين الفردين ، وليس إلى فرد آخر مقابل لهما.
وإن كان يريد أن يجعل هذا العنوان مشيرا إلى ذلك الفرد الذي يثبت حكم العام في حقه ، فهو أيضا غير صحيح ، لأنّ هذا الفرد ، إمّا زيد الأول ، وإمّا زيد الثاني ، والمفروض إنّ العام تعارض ظهوره في الأول مع ظهوره في الثاني ، وحينئذ يكون العام مشيرا إلى فردين ، تعارض ظهورهما فيه ، فيكون العام مشيرا إلى فرد لم يبق العام حجة فيه.
وهذه المشكلة لم نكن نواجهها في الفرع الثاني ، لأنّه هناك ، في فرض كون المخصّص متصلا بالعام لم ينعقد للعام ظهوران فعليّان في كلا الفردين ليقع التعارض ، والتساقط بينهما ، بل انعقد للعام ظهور واحد في فرد واحد ، وهو عنوان «غير من خرج بالتخصيص» بنحو يكون هذا العنوان مشيرا إليه ، وهذا الظهور لم يسقط عن الحجية ، فبقي الخارج بالتخصيص بلا حجيّة ،