إذن نكتة الجواب الذي استبطن الطّفرة من الظهور الأول إلى الظهور الثاني ، هو دعوى الانحلاليّة في مرحلة ظهور التطابق بين المراد الجدي والمراد الاستعمالي ، بحيث لو لم يكن هناك تعدّد وتكثّر في الظهور في هذه المرحلة ، لما تمّ كلام صاحب الكفاية ، لا على الصيغة الأولى ، لأنه لم ينقح صغرى لكبرى حجية الظهور حتى يقنعنا بالحجية ، لأنّ الصغرى ظهور وجداني سقط بالمخصّص ولا يوجد صغرى غيرها.
والحاصل هو : أن هناك أصلا موضوعيا مفترضا ، وبدونه لا يتم كلام صاحب الكفاية (قده) على أساس كلتا الصيغتين.
ونقد هذا الأصل يشكّل إشكالا على الجواب ، على أساسا الصيغتين معا.
وهذا الأصل الموضوعي هو ، دعوى أنّ الظهور الثاني ، أي التطابق ، هو ظهور انحلالي متكثر بتكثر التطابقات ، إذ لو كان واحدا لما أمكن أن يتم هذا الجواب ، لأنه حينئذ ، إمّا أن يثبت بتمام خصوصياته ، وإمّا أن يسقط بسقوط خصوصيّة ، ولا يمكن فيه التبعيض.
وحينئذ نقول : إنّ الظهور في مرحلة المراد الجدي ، هل هو متكثر أم واحد؟. قد يقال : بأنه متكثر ، باعتبار أنّ ظاهر حال المتكلم أن يكون مراده الاستعمالي غير مخالف لمراده الجدي ، وانّ أيّ مخالفة في أيّ فرد تحتاج إلى عناية ، والاصل عدمها.
وعليه فلو قال : «أكرم كل عالم» ، وعرفنا أنّه استعمل لفظ «كل» في العموم ، فلو لم يكن أراد زيدا جدا ، فهذه مخالفة ، ولو لم يكن أراد عمروا جدا ، فهذه مخالفة ثانية وهكذا بكر وخالد ، وكلّ مخالفة هي خلاف الأصل ـ التطابق ـ لأنّ الأصل أن لا يتخالف هذا مع ذاك ، إذن ، فهنا أصول عقلائيّة بعدد التطابقات الخارجية ، فإذا ثبتت إحدى هذه المخالفات ، سقطت اصالة التطابق ـ الأصل ـ بلحاظه ، ويبقى غيرها من الأصول على حالها ، أي انّ اصالة عدم المخالفة الأخرى تجري على حالها.