وإن كان من العزم على الإثم والعصيان من دون فعل المعصية خارجا فلا ريب في أنّه نحو من التجري والطغيان ولكن لا يترتب عليه العقاب فإنّ مقتضى الآيات الكثيرة والسنة المقدسة أنّ العقاب يترتب على الأعمال الخارجية دون المنويات القلبية.
ومنه يظهر حكم ما إذا فعل بعض المقدمات غير المحرمة ولم يفعل أصل الحرام المقصود وأما إذا فعله فيستحق العقاب حينئذ على فعل الحرام لا أن يكون العقاب انبساطيا بالنسبة إلى المقدمات كما في الثواب لبناء عادته عزوجل على التخفيف قد سبقت رحمته غضبه هذا السبق ليس زمانيا فقط.
ومحاسبة ما في النفوس بالمعنى المتقدم مما تدل عليه النصوص الكثيرة كتابا وسنة قال تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [البقرة ـ ٢٢٥] ، وقال تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) [الإسراء ـ ٣٦] ، وغير ذلك من الآيات الشريفة.
ولكن المحاسبة من الله جلت عظمته أعم من أن يكون في البين؟؟؟ منه عزوجل على ما في النفوس سواء في الدنيا أو في الآخرة أو لا يكون فيهما معا ، لأنّ في نفس الاستيلاء على المحاسبة والإخبار عنها آثار خاصة هذا محصل ما يستفاد من مجموع الآيات الكريمة في مضمرات النفوس والجزاء عليها وما ورد في السنة الشريفة.
ولكن للمفسرين في تعيين المراد من ذلك أقوالا :
فقد ذهب جمع : إلى ثبوت المحاسبة والجزاء على كلّ ما يرد القلب وما يضمره الإنسان في النفس فيكون من التكليف بما لا يطاق وحينئذ تكون الآية المباركة منسوخة بقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) المذكور في الآية التالية.
وفساده واضح فإنّ الله تعالى لم يشرع دينا فيه ما لا يطاق وهو قبيح عقلا ويستحيل عليه عزوجل ، والآية غير ناظرة إلى التكليف بما لا يطاق ولا