قوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ).
أي : أو يعفو وليّ الزوجة الصغيرة الذي جعل الله في يده عقدة النكاح ، والولي هو الأب أو الجد للأب أو الأخ القائم على أمرها وتدل على ذلك جملة من الروايات.
وقيل : إنّ المراد به الزوج أيضا لأنّ بيده عقدة النكاح وحلّها أيضا. ولكنّه مردود فإنّه حينئذ يكون مخيّرا بين دفع نصف المهر كلّا أو تشطيره وتبعيضه ، فلا يكون الطلاق مشطرا في نفسه ، أو يعفو عن جميعه ، وهو مناف لملكية المرأة المهر بالعقد والتصرف في حقها.
وأما عفو الزوج عن النصف الآخر فهو أيضا ليس بصحيح فإنّه ليس للمرأة حق في النصف الآخر ولا يجب على الزوج دفعه إليها حتّى يصح في مورده العفو ، فإذا دفع إليها النصف فهو إحسان وفضل منه.
قوله تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى).
أي : أنّ العفو على أية حال ومن أيّ واحد صدر هو أقرب للتقوى لأنّ عفو الإنسان عن حقّه فيه الفضل الكبير وهو أقرب إلى فضيلة التقوى ، ولأنّ فيه من التشبه بأخلاق الله تعالى لأنّه عفوّ غفور فيكون أقرب للتقوى.
قوله تعالى : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).
مادة (نسي) تأتي بمعنى الترك والإهمال ، والتأخير ، ومنه قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «صلة الرحم منسأة للأجل ومثراة للمال»
وتأتي بمعنى الذهول والغفلة في مقابل الذكر والالتفات ، ومنه قوله تعالى : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) [الكهف ـ ٦٣] ، وقال تعالى : (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) [الحشر ـ ١٩].
والمراد به في المقام : هو الأول بقرينة تعلّق التكليف به ، ويمكن إرادة الأخير أيضا إن كان منتهيا إلى الاختيار ولو ببعض أسبابه.
والفضل : هو الزيادة في المكارم وما يكون ممدوحا وليس بواجب وفي