وهو إما مفعول له أي : خرجوا حذر الموت ، أو مفعول مطلق أي : يحذرون الموت حذرا.
والخطاب وإن كان موجّها إلى الرسول (صلىاللهعليهوآله) لكن يراد به الأمة أيضا وكلّ من بلغه لأنّه (صلىاللهعليهوآله) واسطة الفيض.
والمعنى : ألم تعلم أيّها الرسول أو من يبلغه الخطاب إلى حال الذين خرجوا وهم على كثرة تثير الدهشة والعجب فرارا من الموت. ولم يبيّن سبحانه وتعالى سبب الموت في المقام هل هو مهاجمة الأعداء أو شيء آخر.
قوله تعالى : (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ).
تعبير عن الإرادة التكوينية بالأمر بالموت لبيان تمام قدرته ونفوذ أمره وهذا لا ينافي أن يكون الموت بسبب من الأسباب الطبيعية كالطاعون ـ على ما ورد في الأخبار ـ أو الغرق أو استيلاء الأعداء ونحو ذلك. ثم أحياهم بعد موتهم للعيش إما إتماما للحجة أو لأجل اعتبار الأمم اللاحقة من ذلك ، أو لبيان تمام قدرته ونحو ذلك من المصالح لأنّ حذف المتعلّق يفيد العموم.
ولعلّ عدم ذكر إحدى تلك المصالح في المقام كما هو دأب القرآن في بلاغته في غير المقام أيضا لبيان الشمول وعدم انحصارها بأمة بل يمكن أن تجري في جميع الأمم ويرشد إلى التعميم قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) في ذيل الآية المباركة وفضله يعم ما سواه تعالى من الوجودات والعدميات مطلقا ولا يختص بشيء دون آخر ولا قوم مخصوصين.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ).
الفضل هو الزيادة الممدوحة عن حد الإقتصاد والاستحقاق ، وجميع عطاياه تبارك وتعالى ومواهبه فضل ، وما سواه مفتقر إليه عزوجل بالذات وبجميع الشؤون وما كان كذلك كيف يعقل فيه الاستحقاق على الله تعالى.
إلّا أن يقال إنّه تعالى يجعل الاستحقاق لعباده على نفسه وهو الذي يفضل عليهم في هذا الجعل كما يظهر من مواضع متعددة من القرآن الكريم