وعليه فلا يختص خبط الشيطان بخصوص الربا بل هو عام يشمل جميع المعاصي والآثام ولعلّ في ذكر كلمة التشبيه في الآية المباركة إشارة إلى ذلك. نعم ، للخبط مراتب متفاوتة شدّة وضعفا حسب مراتب المعاصي والمداومة عليها.
وخواص المعاصي وآثارها لا يعلمها الا الله تعالى أو من علّمه عزوجل من أوليائه وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إنّ على كلّ عاص من معصيته علامة تليق به فيعرف بها صاحبها وعلى كلّ مطيع من طاعته أمارة تليق به فيعرف بها صاحبها وذلك معنى قوله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) [الرحمن ـ ٣٩]. وقد ورد في القرآن الكريم والسنة الشريفة بعض تلك الآثار قال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) [طه ـ ١٢٦] ، وقال تعالى : (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) [طه ـ ١٠٢] ، وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «يبعث الشهيد يوم القيامة وأوداجه تشخب دما» وعنه (صلىاللهعليهوآله) في شهداء بدر : «زملوهم بدمائهم وثيابهم فإنّهم يبعثون فيها يوم القيامة» ويمكن إقامة الأدلة العقلية على ذلك ويأتي في الموضع المناسب بيانها إن شاء الله تعالى.
وكيف كان فليس المراد من خبط الإنسان من مسّ الشيطان هو المعنى الظاهري الجسماني فقط أي : من مسه الشيطان فأصابه الخبل والجنون فتكون حركاته على غير انتظام واتساق بل المراد الأعم من ذلك وما ذكرناه آنفا من عدم استقامة أفعال الإنسان وأحكامه وعدم تطابقها مع العقل والفطرة المستقيمة فيشمل جميع وساوس الشيطان ومكائده وحيله ومصائده ، فيكون استيلاء غير القوة العاقلة على أعمال الإنسان من أقوى جهات تخبطه بالمس.
وبالجملة : انعزال الإنسان عن العقل والشرع يكون من مسّ الشيطان وإن كان في ظاهر الأمر صحيحا وفي كمال الرخاء والسعة ولكنّه في الواقع قرين الفساد وأليف الشرور والآلام وهذا ما نراه في عالمنا المعاصر ، فإنّ