الضمير في (آتاهُ) إلى نمرود.
وأما إذا رجع الضمير في (آتاهُ) إلى إبراهيم (عليهالسلام) فيكون السبب في المحاجة والطغيان أن رأى ما وهبه الله تعالى لإبراهيم من الملك والحكمة.
السابع : يدل قوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) على أنّ العلة في عدم الهداية هي الظلم ، فإنّ تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية.
ويصح أن يكون قوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) من قبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع يعني : أنّ من جحد الحق بعد ظهوره لديه ووضوحه عنده وصيرورته مبهوتا لا يكون قابلا للهداية وله نظائر كثيرة في القرآن الكريم فيكون مثل قول القائل : «ليس للظلمة ضياء ونور».
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) أنّ المار على هذه القرية قد أبدى إعجابه عن كمال قدرته جلّت عظمته ونهاية اقتداره فيكون اعترافا بالحيرة وعدم الإحاطة بالخصوصيات والجهات إلا لله تعالى فقط كما في قوله تعالى : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [الرّعد ـ ٥] ، وتعجب الأنبياء وأولياء الله تعالى من هذا القسم وليس هو من التعجب الإنكاري الشايع بين الناس ، ويدل على ما ذكرناه في ذيل الآية الشريفة : (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
التاسع : إنّما أبهم سبحانه وتعالى اسم القرية واسم النبيّ الذي مرّ عليها بل وزمان القصّة لأنّ المراد إظهار القدرة التامة وأنّها غير مختصة بوقت دون آخر أو بمكان دون آخر والأسلوب البلاغي يقتضي عدم ذكر جهات القصة غير الدخيلة بالمقام استعظاما له واستضعافا لغيره.
وذكر بعض المفسرين : أنّ المراد بالقرية أهل القرية كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) [يوسف ـ ٨٢] ، ولكنه مردود بما ذكرناه.
العاشر : يحتمل أن يكون قوله تعالى : (لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) بيانا لقصر المدة التي لبث فيها بعد أن رأى الآيات أو إشارة إلى عظم الآيات التي