سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة ـ ٢٦١] ، وثالثة بقوله تعالى : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ ـ ٣٩] ، ويحمل الاختلاف على مراتب الخلوص عن الشرك والرياء والموانع ، أو مراتب حسن النية ومراتب الانقطاع التام.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ).
حث منه تعالى على الإنفاق وإرشاد إلى أنّ أمر الرزق بيده عزوجل والقبض : القتر والضيق. ويقابله البسط. وقرئ بالصاد تفخيما للسين لمجاورته للطاء.
أي : إنّ الله تعالى غنيّ عن العالمين لا يضرّه منع مانع فهو الباسط للرزق والقابض له يقترّ على وفق المصلحة والحكمة المتعالية فإنّ الأمر كلّه بيده فلا ينبغي أن يخاف المنفق الفقر بإنفاقه لأنّ بيده تعالى بسط الرزق فلا بد من اغتنام الفرصة في البذل والإنفاق من قبل أن يضيق الرزق ويذهب المال وتبقى الحسرة.
ويمكن أن يحمل هذان اللفظان على المعنى الأعم مما قلناه ومن أنّه تعالى يقبض بيده المال المنفق في الخيرات ويبسط الجزاء بيده أيضا ، ويشهد له قوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) [التوبة ـ ١٠٤] ، وما ورد في السنة المقدسة من أنّ المال المنفق يصل إلى الله تعالى أولا ثم إلى المنفق عليه.
وإنّما ذكرهما في المقام لئلا يستبعد الجزاء العظيم الذي وعده الله تعالى على الإنفاق والقرض.
قوله تعالى : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
وعد للذين آمنوا وأنفقوا فإنّهم إليه يرجعون فيوفّيهم جزاء ما أنفقوا ووعيد للذين تركوا نهج الهدى واتبعوا النفس الأمارة فتشتد حسرات المقتر الشحيح على ما فرط.