عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعن حوزته.
وأنت اللعين ابن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لدين الله الغوائل ، وتجهدان في إطفاء نور الله ، وتجمعان على ذلك الجموع ، وتبذلان فيه المال ، وتؤلّبان عليه القبائل ، على هذا مات أبوك ، وعلى ذلك خلفته ، والشاهد عليك بذلك من يأوي ، ويلجأ إليك ، من بقيّة الأحزاب ، ورءوس النفاق والشقاق لرسول الله صلىاللهعليهوآله .
والشاهد لعليّ مع فضله المبين وسابقته القديمة أنصاره الذين معه الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن ففضّلهم وأثنى عليهم من المهاجرين والأنصار ، فهم معه كتائب وعصائب ، يجالدون حوله بأسيافهم ، ويهريقون دماءهم دونه ، يرون الحقّ في اتّباعه والشّقاق والعصيان في خلافه ، فكيف ـ يا لك الويل ـ تعدل نفسك بعليّ ، وهو وارث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووصيّه وأبو ولده ، وأوّل النّاس له اتّباعا ، وأقربهم به عهدا ، يخبره بسرّه ، ويطلعه على أمره ، وأنت عدوّه وابن عدوّه.
فتمتّع في دنياك ما استطعت بباطلك ، وليمددك ابن العاص في غوايتك ، فكأنّ أجلك قد انقضى ، وكيدك قد وهى ، وسوف يستبين لك لمن تكون العاقبة العليا ، واعلم أنّك إنّما تكايد ربّك الذي قد أمنت كيده ، وأيست من روحه ، وهو لك بالمرصاد وأنت منه في غرور والسلام على من اتّبع الهدى ... (١).
وهذه الرسالة ناطقة بالحقّ ، ملمّة بالواقع ، ليس فيها دجل ولا افتراء ، فقد حكت جهاد الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وعظيم مكانته عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما حكت زيغ معاوية وضلاله ، وتطاوله على أخي النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومنازعته له بغير حقّ ، وعلى أي حال فهذه الرسالة من غرر الرسائل الحافلة بالواقع والحقّ.
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٥٩. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٣ : ١٨٨ ـ ١٩٠.