لهذه الأمّة ، وأدّبهم لكي يهتدوا ، وجمعهم لئلاّ يتفرّقوا ، ووقفهم (١) لئلاّ يجوروا ، فلمّا قضى ما كان عليه من ذلك مضى إلى رحمة الله حميدا محمودا.
ثمّ إنّ بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهديهما وسيرتهما ، فأقاما ما شاء الله ثمّ توفّاهما الله عزّ وجلّ ، ثمّ ولّوا بعدهما الثّالث فأحدث أحداثا ، ووجدت الأمّة عليه فعالا فاتّفقوا عليه ، ثمّ نقموا منه فغيّروا ، ثمّ جاءوني كتتابع الخيل فبايعوني ، وإنّي أستهدي الله بهداه ، وأستعينه على التّقوى.
ألا وإنّ لكم علينا العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، والقيام عليكم بحقّه ، وإحياء سنّته ، والنّصح لكم بالمغيب والمشهد ، وبالله نستعين على ذلك ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وقد ولّيت أموركم حذيفة بن اليمان ، وهو ممّن أرضى بهداه وأرجو صلاحه ، وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشّدّة على مريبكم ، والرّفق بجمعكم.
أسأل الله لنا ولكم حسن الخيرة والإسلام ورحمته الواسعة في الدّنيا والآخرة ، ورحمة الله وبركاته (٢).
وحكت هذه الرسالة نعمة الله على عباده بأن أرسل لهم رسوله العظيم ، فجاءهم بالإسلام الذي هو الدين القيّم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده ، وجعله مشعلا
__________________
(١) أي وقّف الامة على ما أعدّه تعالى من الجنّة للمطيعين والنار للعاصين.
(٢) الدرجات الرفيعة : ٢٨٨. نهج السعادة ٤ : ١٩ ـ ٢٤.