أمّا بعد ، فإنّي قد ولّيتك ما ولّيتك وأنا أراك لذلك أهلا ، وإنّه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيّام عمر من أمانيّ التّيه وكذب النّفس ، لم تستوجب بها نسبا ، وإنّ معاوية كالشّيطان الرّجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، فاحذره ثمّ احذره ثمّ احذره ، والسّلام (١).
وحذّر الإمام عليهالسلام في هذه الرسالة زيادا من أضاليل معاوية وخداعه ، فقد حاول أن يلحق زيادا بنسبه ، وذلك شبهة لزنا أبيه بسميّة أمّ زياد ، والقصّة ممّا يندى له جبين الإنسانية ففيها فضيحة لأبي سفيان وسميّة ، ولكن معاوية لم يحفل بالعار في سبيل تدعيم أغراضه السياسية ، وبناء سلطانه ، وأخيرا فقد استجاب زياد لمعاوية ، وصار من أقوى أعوانه وأخذ يتتبّع شيعة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكان بهم عالما ، فجعل يسمل أعينهم ويقطع ألسنتهم ، ويقتلهم على الظنّة والتّهمة.
وبهذا نطوي الحديث عن ولاية زياد للبصرة.
__________________
(١) تهذيب تاريخ ابن عساكر ٥ : ٤١٠. الغدير ١٠ : ٢١٩.