جمهور غفير منهم في ذلك ، وسار عبد الله يطوي البيداء حتى انتهى إلى البصرة وعرض على أهلها ما طلب منهم معاوية من التمرّد على الإمام عليهالسلام ، فأجابه جمهور غفير منهم ، فخاف زياد منهم ، وكتب إلى ابن عباس يخبره بذلك ، وبادر ابن عباس فأحاط الإمام علما بأنّ جلّ أهل البصرة قد خلعوا يد الطاعة وفارقوا الجماعة ، فندب الإمام أهل الكوفة لمناجزة ابن الحضرمي فتكاسلوا عن إجابته ، فقام إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي ، فقال له : أنا أكفيك هذا الخطب ، فأمره بالشخوص إلى البصرة ، وزوّده بهذه الرسالة إلى زياد : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى زياد بن عبيد ، سلام عليك.
أمّا بعد ، فإنّي بعثت أعين بن ضبيعة ليفرّق قومه عن ابن الحضرميّ ، فارقب ما يكون منه ، فإن فعل وبلغ من ذلك ما يظنّ به وكان في ذلك تفريق تلك الأوباش ، فهو ما نحبّ وإن ترامت الأمور بالقوم إلى الشّقاق والعصيان فانبذ من أطاعك إلى من عصاك فجاهدهم فإن ظهرت فهو ما ظننت عليك ، وإلاّ فطاولهم وماطلهم فكأنّ كتائب المسلمين قد أطلّت عليك ، فقتل الله المفسدين الظّالمين ، ونصر المؤمنين المحقّين ، والسّلام.
وانتهى أعين إلى البصرة ، وعرض رسالة الإمام على زياد ، فلمّا قرأها قال : إنّي لأرجو أن يكفيني هذا الأمر ، وبادر أعين إلى قومه فحذّرهم وخوّفهم ، فاستجابوا له ، فنهض بهم إلى ابن الحضرمي ، وجرت بينهما مناوشات ومجادلات كلامية ، وأراد زياد مناجزته إلاّ أنّه عدل عن ذلك ، ورفع إلى الإمام رسالة جاء فيها :
أمّا بعد يا أمير المؤمنين! فإنّ أعين قدم علينا بجدّ ومناصحة وصدق يقين ، فجمع إليه من أطاعه من عشيرته فحثّهم على الطاعة ، وحذّرهم الخلاف ، ثمّ نهض بمن أقبل معه إلى من أدبر عنه ، فوافقهم عامّة النهار ، فهال أهل الخلاف تقدّمه ،