لا تبيد (١) والسّلام (٢).
وفي هذه الرسالة المطالبة بضرائب الجزية ، وتقديم حساب ما صرفه منها في الوجوه المخصّصة لها ، واشتملت وعظه وإرشاده إلى الطريق القويم.
٣ ـ من الرسائل التي حملت طابع الشدّة والصرامة على ابن عبّاس هذه الرسالة ، التي رواها عبد الله بن عبيد عن أبي الكنود ، قال : كنت من أعوان عبد الله بن عباس بالبصرة ، فلمّا كان من ما كان أتيت عليّا فأخبرته ، فتلا قوله تعالى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ) (٣). ثمّ كتب معه هذه الرسالة إلى ابن عباس :
أمّا بعد ، فإنّي كنت أشركتك في أمانتي ولم يكن من أهل بيتي رجل أوثق عندي منك بمواساتي وموازرتي بأداء الأمانة ، فلمّا رأيت الزّمان قد كلب على ابن عمّك (٤) ، والعدوّ ـ يعني معاوية ـ قد حرد (٥) ، وأمانة النّاس قد خربت ، وهذه الأمّة قد فتنت ، قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ (٦) ، ففارقته مع القوم المفارقين ، وخذلته أسوأ خذلان ، وخنته مع من خان فلا ابن عمّك آسيت ، ولا الأمانة أدّيت ، كأنّك لم تكن على بيّنة من ربّك وإنّما كدت أمّة محمّد عن دنياهم وغدرتهم عن فيئهم ، فلمّا أمكنتك الفرصة في خيانة الأمّة ، أسرعت الغدرة ، وعاجلت الوثبة ، فاختطفت
__________________
(١) لا تبيد : أي لا تفنى.
(٢) العقد الفريد ٢ : ٢٤٢.
(٣) الأعراف : ١٧٥.
(٤) قد كلب : أي قد اشتدّ.
(٥) حرد : أي غضب.
(٦) قلبت له ظهر المجنّ : أي قمت على خلافه كمن يترك قائده في الحرب ويتّصل بعدوّه.